spot_img

ذات صلة

جمع

هل نهاية للعولمة؟

الكاتب والناقد: حسني عبد الرحيم عندما فرض الرئيس الأمريكي "دونالد...

أنا أحب إذن أنا موجود: أو الفلسفة والفائض من الغرائز

بقلم الأستاذ: الأسعد الواعر أنا أحب إذن أنا موجود هو...

آنِي.. فِي كَنَفِ “الآنِي”

الكاتب والشاعر: شاهين السّافي يذكر أنها تلقت أغرب طلب...

“أهيم عشقا بأمّ القرى ” لجلال باباي: مراثي الخريطة…

رياض خليف تصفحت هذا العمل كثيرا، مقتفيا خطى كلمات الشاعر...

مسرح الشارع في تونس: بين النضال الفني والتجديد الاجتماعي

نزار الكشو

بعد الثورة التونسية، تحررت الشوارع من القبضة الأمنية ورقابة السلطة. لم يعد الفضاء العام مجرد مكان للزجر والمطاردة والتحقيق، بل تحول إلى مساحة للحوار والنقاش. مع هذا التغيير، ظهرت تعبيرات ثقافية جديدة تحمل بدائل فنية، وكان من أبرزها فنون الشارع، التي ازدهرت بشكل ملحوظ خلال تجربة الانتقال الديمقراطي. هذا التطور ساهم في خلق حركية ثقافية شبابية متجذرة في المجتمع، وعزز دور الجمعيات والمنظمات في بناء مجتمع مدني قوي. مسرح الشارع: بين التاريخ والتعريف رغم أن مسرح الشارع لم يولد مع الثورة، إلا أنه وجد فيها مناخًا مناسبًا للنمو والانتشار. لقد ساهم هذا المسرح في تجسيد القيم الثورية، من خلال النضال والاحتجاج والدفاع عن حقوق الإنسان والمواطنة. ومع ذلك، يظل مفهومه غير محدد بدقة، رغم كونه فنًا قديمًا في الممارسة وحديثًا في التنظير. لا يزال هناك خلط بين مسرح الشارع والمسرح في الشارع. فهل كل عرض خارج القاعات التقليدية هو مسرح شارع؟ ماذا عن تجربة أوغيست بوال ومسرح المضطهدين؟ أو مسرح الحلقة في المغرب؟ أو مسرح العصابات في الولايات المتحدة خلال منتصف القرن الماضي؟ هذه التساؤلات تعكس تنوع المفاهيم بحسب السياقات الثقافية والاجتماعية والسياسية لكل بلد.

مسرح الشارع في تونس: تطور فكري واعتراف رسمي

حقق مسرح الشارع في تونس مكاسب وطنية ودولية، حيث أصبح عنصرًا أساسيًا في معظم المهرجانات والتظاهرات الثقافية، بفضل الممارسين والفنانين الذين ناضلوا من أجل إرسائه في مختلف أنحاء البلاد. كما حظي هذا الفن باعتراف رسمي من هياكل الدولة، خاصة وزارة الشؤون الثقافية ووزارة الشباب والرياضة. لم يقتصر تطور مسرح الشارع على انتشاره الجغرافي، بل شمل مضمونه أيضًا. فقد أصبح من أبرز الأصوات الفاضحة للفساد، المتضامنة مع القضايا اليومية للمواطن التونسي، والداعمة للمقاومة الفلسطينية، والمنددة بالجرائم الصهيونية. كما انخرط في الحراك الدولي لقضايا حقوق الإنسان، وساهم في إدماج الرقمنة لتوثيق وتسويق هذا الفعل المسرحي. البحث الأكاديمي في مسرح الشارع رغم هذه المكاسب، لا يزال مسار التأسيس الفعلي لمسرح الشارع يتطلب المزيد من البحث والدراسات المتخصصة. وفي هذا السياق، تأسس “مختبر البحث والتطوير في مسرح الشارع” بتونس في 10 جانفي 2021، ليكون الأول من نوعه في العالم العربي وإفريقيا. كما شهد فيفري 2022 إطلاق أول أكاديمية للتكوين في تقنيات “مسرح الشارع” وإعداد “الممثل المواطن”، تحت إشراف فرقة مدينة تونس للتمثيل. مشروع “مسرح الصدمة” وتجربة “مانيّش خايف” شهد مسرح الشارع في تونس تطورًا نوعيًا من خلال “المسرح التفاعلي”، الذي انتقل من مجرد التفاعل مع الجمهور إلى إشراكه المباشر في الفعل المسرحي. وقد تُرجم هذا التطور إلى مشروع “مسرح الصدمة”، الذي انطلق يوم 6 جانفي 2025 بعرض خاص يحمل عنوان “مانيّش خايف”. هذا العرض، الذي يُقدَّم في شارع الحبيب بورقيبة أمام وزارة الداخلية، يعتمد على تقنية “مسرح الصدمة”، مستلهمًا أدواته من “المسرح الاجتماعي”، ومستندًا إلى “مسرح المواطنة” و”المسرح التشريعي”. كما يمثل المحطة الأولى من أربع محطات لدراسة وتحليل الشخصية التونسية، في إطار لقاءات تفاعلية تمتد حتى سبتمبر 2025. جدول المحطات الأربع للمشروع: المحطة الأولى: التدريبات من جانفي، والعرض في نهاية فيفري. – عرض “مانيش خايف” – الإشراف : جمعية شكري بلعيد للإبداع و الفنون – إدارة الإنتاج : نجوى حميدة – تنسيق المشروع : هناء بن سليمان – الأداء : + محمد عزيز حرزالي + فريال مسكيني +محمد الهادي الماجري + دنيا الماجري + قصي العياري – التوضيب الموسيقي : محمد بن عبد الله – الإعداد و الإخراج : نزار الكشو المحطة الثانية : التدريبات من مارس، والعرض في نهاية أفريل. المحطة الثالثة: التدريبات من ماي، والعرض في نهاية جوان. المحطة الرابعة: التدريبات من جويلية، والعرض في نهاية أوت. اللقاء الختامي: 9 سبتمبر 2025، خلال الاحتفال السنوي لمجموعة “الزلزال”. يشرف على المشروع الأستاذ الباحث نزار الكشو، وتقام التدريبات بفضاء جمعية شكري بلعيد للإبداع والفنون. يمثل مسرح الشارع في تونس تجربة فريدة تجمع بين الفن والنضال الاجتماعي. فبعد أن تجاوز حدود العروض التقليدية، أصبح وسيلة فاعلة لمساءلة الواقع والتفاعل مع قضايا الناس. ومع استمرار البحث والتطوير، يظل هذا المسرح فضاءً مفتوحًا للتجريب والتجديد، حاملًا صوت الشارع في كل تفاصيله.

spot_imgspot_img