ينطلق الملحق الثقافي لجريدة الشعب “منارات” في إصداره الرقمي بعد أن عرفه القراء إصدارا ورقيّا شهريا مرافقا لجريدة الشعب الناطقة بلسان الاتحاد العام التونسي للشغل.
منارات، هذا الملحق الثقافي، الذي يحاول أن يكون مرآة للواقع الثقافي في تونس ويطرح نفسه منبرا لحوار واع ومثمر بين مختلف التيارات الفكرية التقدّمية لما فيه إضافة إلى المشهد الثقافي في تونس ولمَ لا، خارجها، ينتقل اليوم إلى فضاء جديد استجابة إلى المستجدات التكنولوجية وإلى واقع العالم الورقي.
فقد تراجع العالم الورقي وتفاقمت كلفته وقلّ الإقبال عليه، واختفت مجلاّت قيّمة وصحف عالمية ما كان أحد يعتقد انها يمكن أن تتوقف عن الصدور يوما تحت وطأة الإعراض المتزايد عن الورق وتسارع نسق تبادل المعلومات وانتشارها سواء في الفضاء الرقمي المختص أو في وسائل التواصل الاجتماعي. والمتلقي الذي كان يتعنّى لاقتناء جريدة أو كتاب أعرض عن ذلك الآن إلاّ قلّة، تعود حنينا ليس أكثر، وهي تتضاءل يوما بعد آخر، ويعود تراجع مكانة الورقي إلى أسباب موضوعيّة لعلّ أهمّها التطور التقني الهائل الذي مكّن المعلومة من الانتقال بسرعة فائقة فتقلّصت حاجة المتلقي للجريدة ليطّلع على ما يحدث حوله، يكفي أن يضغط على زرّ من أزرار هاتفه الجوال حتى تظهر أمامه أخبار العالم من أقصاه إلى أقصاه، ويمكن له أن يشاهد الأحداث أمامه كأنّه يشارك في صنعها. ويكفي أن يفكّر في كتاب حتى يجده أمامه على شاشة عرض يتحكم في حجم حروفها، وله من الخيارات ما يمكنه من الاستغناء عن القراءة بالسماع، فمواقع كثيرة تسجّل موادها الرقمية وتضعها في متناول المتلقين ولا تكلفهم من المجهود إلاّ أقلّه. ثمّ إنّ هذا الفضاء الرقمي يوفّر من المجلاّت والجرائد والمقالات والكتب والكُتّاب ما لا حدّ له، لذلك كان انتقال المتلقّي إلى الرقمي أمرا طبيعيّا، وكان على الصّحف الورقية والمجلاّت أن تواكب هذا التحوّل في ذائقة المتلقي وتحاول استعادته مستعينة بما توفره التكنولوجيا من إمكانات لمواكبة العصر وتقديم مادة ترضي وتفيد وتصل إلى أكبر عدد من القرّاء.
تنطلق منارات الرقمية داعية الأقلام الجادّة، في الرّأي والنقد الأبي، في السياسة والفكر، في الإبداع والفلسفة، وغير ذلك، لتسهم في إثراء هذا المنبر وجعله منصّة للحوار وتبادل الآراء، والنقاش الرصين البعيد عن التوتّر والانفعال الآني، ونافذة نطلّ منها على عالم الفكر والإبداع ونؤسس لثقافة نؤمن بها ونحتاجها.
“منارات”، تدعو المثقفين والمبدعين إلى إثراء أركانها والاستفادة من وجودها في الوقت ذاته، استفادة تتحقّق بطرح الأفكار إلى العلن ومحاورتها وتطوريها والمساهمة في التأسيس لثقافة جديدة تبني على الجيّد المكتسب وتطرح ما يتراءى فيه من سلبيات ومعرقلات وترنو إلى المستقبل بتفاؤل مأتاه الرغبة الصادقة في التأسيس لجديد مفيد ومثمر.
توالت أجيال على “منارات” ونرجو أن تتوالى في قادم السنوات أجيال أخرى تواصل المشروع وتضيف إليه وتواكب المستجدّات التكنولوجية وتحترم قارئها في تقديم مادة ثقافية تليق به وتحترم ذكاءه وتلبي حاجاته الفكرية والنفسية.
مرحبا بكم في منارات الرقمية
أسرة منارات.