
الشاعر: هادي دانيال
شوبانْ، يا صديقي اللصيقْ،
كزورقٍ شراعُهُ تَمَزّقَ
أطفو على أمواج نهْركَ العميقْ
أسئلةُ بْيانُوكَ تستفزّني
فأمسكُ الرياحَ مِن ياقتها:
تلكَ بلادي، يَتُها العاهرةُ
تَغرَقُ في دمائها
ولن تكوني قَشّةَ الغريقْ
جَسَدٌ مريضٌ
دُودُهُ مِن خَلِّهِ
صَرْحٌ سَقَطْ
فَتَناهَشَتْهُ مِن الجنوبِ جِراءُ “ميركافا” وأمريكا
وَمِن الشمالِ تناوَشتْهُ ذئابُ إسطنبولَ تَتْريكا
وَبناتُ آوى مَزَّقَتْهُ مِن الوَسَطْ
لا لَسْتُ مِن رَهْطِ الضفادعِ والقِطَطْ
لا لن أميلَ يا رياحُ حيثُ ملْتِ
جغرافيا أرواحِنا
تَعْصى على ممحاةِ هولاكو
تاريخُها أبعَدُ من ذاكرةِ الإغريقْ
ما همّني كيفَ ولا مِن أينَ أنتِ جئتِ
فكلُّ مَن حَمَلْتِ
قَتَلَةٌ، طريقهُم إلى “جنّتِهِم” جُثَثُنا
فكيفَ يمكثونَ بيننا
و مِثْلنَا يُعاقِرونَ خَمْرَةَ الحياة؟.
ليست طريق الله “شاوَرْما”
(دماؤنا ولحمنا
في النار والحديدْ)
فهذه الصخور جلْدُنا
والغابُ شَعْرُ صَدْرِنا
والماءُ قاهرُ الصحراءِ جَدُّنا
ومنه كلّ كائنٍ وليدْ
عودوا إلى وديعة الله الذي تُكَفّرونَ الخلْقَ باسمه ِ
وحدّقوا في السُّوَرِ المرايا
لتُبْصروا عماءكم
وأنّكُم قَتَلَةٌ مُمثِّلونْ
وأننا حقائق التُّراب، عُشْبُهُ، جُذُورُهُ،
زَيتونُهُ وأرْزُهُ،
زَعْتَرُهُ البرّيُّ و الطيّونْ
يا زَمَن الجنونْ
عَبَثاً نُحاوِلُ أن نكونْ؟
صَعَدَ الضباعُ إلى أعالي قاسيونْ
طَمَعاً بأشلاءِ صُقورٍ نَفَقَتْ
وبجثّةِ الكبْشِ الحَرونْ
لا شيء، غيْر ثُغاءِ خِرْفانٍ يطوفُ على الطريقْ
شوبانُ يا رفيقْ
هذا الحمامُ دمٌ وريشٌ في الهواءْ
غَجَرٌ على أرْضٍ تُناكِفُها السماءْ
بحّارةٌ مُتقاعدونَ يُغربِلُونَ الماءَ والدمَ والهواءْ
بلَدٌ كأرملةِ الحروبِ
على أسرّتِها يدوسُ العابرونَ
على منابرها العتيقةِ يخطبُ الدونميُّ والزنديقْ.!
*تونس/المنار2، فجر01/01/2025.