
بقلم:
سماح قصدالله
انتظم خلال هذه الأشهر الأخيرة وتحديدا صائفة وخريف سنة 2024 عدد من اللقاءات المسرحية الوطنية والعربية والدولية التي قدمت فكرة مهمة عن المشهد المسرحي العربي إلى حد ما تمثلت في جملة من المهرجانات المتنوعة والمختلفة في الوطن العربي شارك فيها المسرح التونسي وتألق وكان له كعادته حضور لافت ومميز.
ومن بين هذه اللقاءات المسرحية تظاهرة مسرحية وطنية وهي “الخروج إلى المسرح” في دورتها الخامسة تظاهرة كانت وفية لاسمها حيث أنها دعوة ملحة للمسرحيين أولا للخروج بمسرحياتهم إلى القاعات وإلى الجمهور العاشق للمسرح وهي أيضا دعوة لهذا الجمهور أن ينعتق قليلا من الواقع ومن اليومي الذي يرهقه ويخرج من محيطه الضيق إلى محيط أرحب يحلق به بعيدا. في هذه التظاهرة التي انتظمت من 23 إلى 29 سبتمبر تحت شعار “الخروج إلى المسرح ..الخروج إلى الحياة” شاركت فيها سبع مسرحيات من آخر إنتاجات المسرح التونسي افتتحتها مسرحية “آخر البحر” للمخرج الفاضل جعايبي تمثيل صالحة النصراوي محمد شعبان سهام عقيل ريم عياد وحمادي البجاوي إنتاج المسرح الوطني بالشراكة مع مركز الفنون بجربة , آخر أعمال الجعايبي بعد مسرحية “مارتير” التي قدمت سنة 2020.
مسرحية “قونة …قاعة انتظار” إخراج فرحات دبش من إنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بمدنين تمثيل كل من لسعد جحيدر حمزة بن عون جمال شندول وجهاد الفورتي, مسرحية “واحد” إخراج مروان ميساوي تمثيل أوس ابراهيم محمد برهومي حامد سعيد شيماء بالحاج محمد فوزي البكوش وزينب المرزوقي من إنتاج شركة بليزير للإنتاج والتوزيع بدعم من وزارة الشؤون الثقافية, مسرحية “روضة العشاق” للمخرج معز العاشوري إنتاج شركة بروفا للإنتاج تمثيل هيفاء بولكباش شهاب شبيل عبد السلام الجمل اسكندر الهنتاتي رامي الشارني محمد سفينة أمان الله التوكابري عبد الحميد فرح مهدي علوشي مأمون بن علي ريان رحموني وخلود مونة.
كما قدمت مسرحية “اعتراف” إخراج محمد علي سعيد إنتاج رؤى للإنتاج الفني بمدينة القلعة الكبرى, تمثيل فاتن الشرودي ناجي قنواتي وحمودة بن حسين ,مسرحية “بوابة 52” إخراج دليلة مفتاحي إنتاج مسرح الناس وتمثيل دليلة مفتاحي سناء حافظ شيماء التوجان عبير الصميدي وكمال الكعبي وأخيرا مسرحية البخارة إخراج صادق الطرابلسي وإنتاج مسرح أوبرا تونس قطب المسرح والفنون الركحية تمثيل مريم بن حسن رمزي عزيز علي بن سعيد بليغ مكي وبلال سلاطنية. أضاء هذه المسرحيات أكثر وقدم فكرة شاملة عن مواضيعها الحارقة وعن تفاصيلها التقنية نقاش أداره الفنان المخرج أنور الشعافي وكانت مساحة ضرورية وهامة لتحقيق الفائدة لطلبة المسرح خاصة ولكل الجمهور الحاضر من مسرحيين وصحفيين ومهتمين بالمسرح. تظاهرة الخروج إلى المسرح تظاهرة مسرحية وطنية جمعت بين أسماء مسرحية ذات خبرة طويلة وبين شباب واعد يمشي بخطى ثابتة كما جمعت بين إنتاج عام وآخر خاص وبين المركز والجهات واستطاعت أن ترسخ أقدامها في خارطة المهرجانات المسرحية الوطنية.
وعلى الصعيد العربي كان للمسرح التونسي مشاركة متميزة في مهرجانات الأردن المسرحية بداية من مهرجان ليالي المسرح الحرالدولي في دورته 19 التي انعقدت من 29 جوان إلى 4 جويلية تحت شعار “أهل شجر الزيتون” حيث شاركت فيها مسرحية 1114 للمخرج معز القديري وتحصلا فيها الممثلان مروان ميساوي وهيثم مومني مناصفة على الجائزة الذهبية لأفضل ممثل والتي تحمل اسم الفنان الأردني الراحل ياسر المصري الذي توفي وهو في أوج العطاء وكان قد قدم عديد الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية الناجحة. إلى جانب مهرجان مسرح الرحالة الدولي للفضاءات المسرحية المغايرة في دورته الثالثة من 17 إلى 21 جويلية حيث شارك الباحث والمخرج التونسي الدكتور محمد المديوني كعضو لجنة تحكيم في مسابقة المهرجان الرسمية والباحث والكاتب بوكثير دومة بمداخلة في الندوة الفكرية التي طرحت موضوع “تجربة مسرح الفضاءات المغايرة في الوطن العربي” كما عرضت مسرحية “مقاطع” إنتاج المسرح البديل للمخرج الدكتور فتحي العكاري الذي تحصل على جائزة أحسن إخراج ومسرحية” شكون pellicule” للمخرجين محمد شوقي خوجة ونادرة التومي إنتاج شركة عين التي تحصلت على جائزة أفضل عرض مسرحي وجائزة أفضل أداء نسائي مناصفة بين الممثلة نادرة التومي والممثلة نادية عبيد عن دورها في مسرحية مقاطع كما أحرز محمد شوقي خوجة على جائزة أفضل أداء رجالي مناصفة مع الأخوين ملص من سوريا وتوجت أيضا الممثلة نادرة التومي وهي مشاركة في الكتابة والإخراج في مسرحية “شكون” بجائزة أحسن ممثلة في مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي مسرح بلا إنتاج في دورته 14 دورة الفنان أحمد السقا. كما شاركت تونس في الدورة 31 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي التي انعقدت من 1 إلى 8 سبتمبر الماضي والتي احتفت بالمسرحية الراحلة رجاء بن عمار في ندوة تحت عنوان “شهادات في حب رجاء بن عمار” شارك فيها كل من الدكتور الباحث والمخرج محمد المديوني والباحث والناقد حاتم التليلي والباحثة والمخرجة أمينة دشراوي التي شاركت أيضا بمداخلة في المحور الفكري “المسرح وصراع المركزيات” عنوانها “المسرح العربي بين التأصيل الحضاري والتجديد الفكري الجمالي: قراءة في عرض خيل تايهة للمخرج الفلسطيني إيهاب زاهدة” وكانت لها مشاركة ايضا في الندوة الفكرية لمهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة في دورته الحادية عشر.
كما عرضت في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي كل من مسرحية “الباتروس” للمخرج الشاذلي العرفاوي و إنتاج مسرح الأوبرا تمثيل فاطمة بن سعيدان علي بن سعيد عبد القادر بن سعيد مريم بن حميدة وملاك الزوايدي ومسرحية “قرط” اخراج محمد بوسعيدي إنتاج المسرح الوطني وتمثيل عبد السلام مجدوب هاجر الحاج قاسم خليل بن حريز أماني بن فرج وأمان الله الرياحي.
وشارك في الدورة الثانية من مهرجان بنغازي للفنون المسرحية دورة الفنان رجب العقوري في إطار بنغازي عاصمة للثقافة الإسلامية من 10 إلى 16 سبتمبر تحت شعار “بالمسرح نتواصل” وفد من المسرحيين التونسيين تمثل في فريق مسرحية “مايراوش” أخراج محمد منير العرقي إنتاج المركز الوطني لفن العرائس, الفنان علي اليحياوي مدير مركز الفنون الدرامية والركحية بتطاوين بتقديم ورشة حول “التشخيص بين القول والفعل” كما قدم مداخلة في الندوة الفكرية التي اهتمت بتجربة مسرحة رواية “نزيف الحجر” للكاتب الليبي إبراهيم الكوني المتمثلة في مسرحية “كعب الغزال” كما قدمت الممثلة هناء الوسلاتي ورشة حول “الإيماءات في نحت الجسد الشعري”.
أما في المغرب فقد شاركت مسرحية “تواتر” إخراج طاهر بن أحمد وإنتاج فرقة المتوسط للفنون كضيف شرف في الدورة السادسة لمهرجان الدار البيضاء للمسرح الأمازيغي وقدمت عرضين في مسرح سيدي بليوط بالدار البيضاء ومسرح عفيفي بالجديدة ويجدر الإشارة أن المهرجان يهدف إلى تعزيز الحوار الثقافي بين التجارب المسرحية المتنوعة والمختلفة خاصة عربية كانت أو امازيغية أو باللهجات المحلية.
كما كان للمسرح التونسي مساهمة فعالة في لجان تحكيم مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما في دورته السابعة التي انتظمت من 1 إلى 5 اكتوبر الجاري رغم أنه لم يشارك بمسرحيات في المسابقة الرسمية وهو ما يدعو إلى الاستغراب لأن أعمال المونودراما قليله جدا في تونس رغم هذا التاريخ الحافل بالمسرحيات إلا أن المخرج والناقد أنور الشعافي شارك كعضو لجنة تحكيم في مسابقة التأليف للمونودراما التي فاز فيها بالمركز الأول نجاح عبد النور من مصر عن نص “السيد تمام” وبالمركز الثاني الكاتب المصري خالد توفيق عن نص “بكره اشتري جناحات” وبالمركز الثالث مناصفة بين الكاتب العراقي منير راضي عن نص ليدي مكبث والكاتب المغربي سعيد عطور عن نص “الخياطة”. وشارك الفنان إكرام عزوز كعضو لجنة تحكيم في مسابقة النقاد التي فاز بها في المركز الأول العرض المصري السعودي “يوميات ممثل مهزوم” وجائزة المركز الثاني للعرض الإماراتي “قطرة” وفاز بالمركز الثالث العرض العماني “سمكة”.
كما تنعقد خلال هذه الأيام وتحديدا من 2 إلى 9 أكتوبر فعاليات مهرجان ظفار الدولي للمسرح بمدينة صلالة بسلطنة عمان حيث يقدم فيه المخرج الفاضل جعايبي ورشة “الإخراج المسرحي” والتي تستهدف خاصة الشباب المسرحي . كما يشارك في المهرجان 35 عرضاً مسرحياً، بحضور 350 فناناً وفنانة من خمسين بلداً، يتنافسون على جوائز المهرجان من خلال ستة مسارات مسرحية وهي مسابقة العروض الكبرى, مسابقة عروض المسرح الجماهيري,مسابقة عروض مسرح الطفل, مسابقة عروض مسرح الشارع والمساحات المسرحية المفتوحة, مسابقة عروض المسرح الثنائي ومسابقة عروض المونودراما ويشارك المسرح التونسي في ثلاث مسارات وهي مسرحية “سلفادور” نص أوس إبراهيم إخراج سيف الدين الأديب في مسابقة مسرح الشارع , مسرحية “مايراوش” دراماتورجيا و إخراج محمد منير العرقي في مسابقة العروض الكبرى و مسرحية “راعي الصحراء” نص علي اليحياوي وإخراج عايدة جابلي في مسابقة مسرح الطفل.
ويجدر الإشارة أن الأيام القادمة ستشهد لقاءات مسرحية عربية ودولية هامة سيكون للمسرح التونسي مشاركات متنوعة ومتعددة فيها منها مهرجان بغداد الدولي للمسرح في دورته الخامسة الذي ينتظم من 20 إلى 29 أكتوبر ويشارك فيه المخرج الفاضل الجعايبي بمسرحيته الاخيرة “آخر البحر” كعرض شرفي و مسرحية “عطيل وبعد” نص بوكثير دومة وإخراج حمادي الوهايبي في المسابقة الرسمية للمهرجان.
في انتظار أعرق المهرجانات المسرحية الوطنية العربية والإفريقية والدولية الذي تأسس سنة 1983 وهو أيام قرطاج المسرحية الذي ستلتئم دورته ال25 من 23 إلى 30 نوفمبر القادم وهو مناسبة مسرحية هامة لاحتضان أهم العروض المسرحية في تونس وافريقيا والوطن العربي وإلى جانب مسابقته الرسمية الدولية ومختلف فعالياته ستنتظم ندوة فكرية موضوعها “المسرح والإبادة والمقاومة: نحو أفق إنسي جديد” وسيكون عشاق المسرح في تونس قبل هذه المحطة الدولية الهامة على موعد مع تظاهرات مسرحية وطنية مميزة تعرض فيها عديد المسرحيات وتنظم فيها نقاشات وحوارات وندوات فكرية تتناول مسائل مسرحية حارقة من ذلك وتحديدا في مدنين مهرجان “نسانا ع الركح” الذي تنظمه جمعية فسيفساء من 11 إلى 12 أكتوبر والمهرجان الوطني لمسرح التجريب الذي ينظمه مركز الفنون الدرامية والركحية والذي لم يحدد بعد توقيت تنظيمه فقد تأجل أكثر من مرة نتيجة بعض المشاكل التي يعانيها المركز ومراكز الفنون الدرامية والركحية عموما في تونس, إلى جانب الدورة الثانية للمهرجان الوطني للمسرح التونسي مواسم الابداع الذي ينظمه المسرح الوطني بالشراكة مع جمعية عبد الوهاب بن عياد الثقافية من 7 الى 14 نوفمبر القادم والدورة الرابعة لتظاهرة circuit theatre التي ينظمها مركز الفنون الدرامية والركحية بسليانة خلال شهر أكتوبر الجاري وافتتاحات الموسم الثقافي في الفضاءات المسرحية المتنوعة مثل فضاء التياتر وفضاء الريو وفضاء 77 وفضاء المسرح الصغير وفضاء أرطو و غيرهم ومختلف التظاهرات المسرحية التي تنظمها المندوبيات الجهوية للشؤون الثقافية.