عبّود الجابري (شاعر عراقي مقيم في عمّان)
كان رصيناً كما أراد له أهله
يتدبّر ضحكة واحدة لكلّ يوم من حياته
ويغسل آثارها بالماء والصابون
كان فمه فقيراً
لم يقبّل سوى جبين أمّه
والضريح الذي كانت تأخذه إليه
ليبكيا هناك
كانت شفتاه عفيفتين
مسودَّتين من أثر الكلام المرّ
والسجائر الرخيصة
وكان لسانه رطباً
يذكر الله بعتب رقيق
لأنّه يقول لنا: اذهبوا عند اكتمال الخلق
ويهتف بنا: تعالوا عند الموت
مبتلاًّ كان لسانه
لم يعانق هواءَ المدن كي يتيبّس
ولم يطعم به عصفورةً وحيدةً
كي يحظى بعضّةٍ أليفةٍ
حتى إنّه نسي أنَّ له أسنانًا
تبيض في قلب فمه
وكان يحزن عندما يكون عليه أن يقضم بها
اللون الداكن من تفاحة هرمة
أسنانه التي تساقطت مثل أفراد العائلة
كيف له أن يتذكر وسط كل هذا الفرح
تواريخَ موتها؟