spot_img

ذات صلة

جمع

نافلة الفجر

الأديبة: بسمة الشوالي أدرك أن هذا أوان الرُجْعى إلى ربّه....

إنشائية الموت في ديوان “شباك ميرا” لسمير العبدلي

رياض خليف يبدو صوت سمير العبدلي مميزا في الشعر التونسي،...

شاكر والخولي والرحباني… والصّورَةُ وما يشبهُهَا…

الكاتب والشاعر: شاهين السّافي  تعتبر مسألة "اعتزال الفنّ" من...

رواية ” بيرعوين” لنصر بالحاج بالطيب: رواية الجغرافيا والذاكرة

رياض خليف  " بيرعوين " منجز روائي آخر يطرحه نصر...

حوار مع الأستاذ عبد الحميد الفهري : «لا فكر دون مساءلة… ولا وطن دون مقاومة»

حاوره أبو جرير

في زمن تعمّقت فيه الأزمات وتهاوت فيه القيم وتراجعت فيه الأصوات الناقدة، يظلّ صوت الأستاذ عبد الحميد الفهري مختلفًا، شاقًا طريقه بثبات وسط ضجيج الرداءة والتكرار. هو المثقف الذي لا يهادن، والأكاديمي الذي لم يفصل يومًا بين الفكر والفعل، والسياسي الذي ظلّ وفيًّا لوعيه النقدي، المجبول على الرفض والمواجهة.

من واحات قرقنة إلى قاعات الجامعة، ومن دفاتر التاريخ إلى متاحف الذاكرة، تنسج تجربة الفهري خيوطها في قلب الواقع، متأرجحة بين الألم والأمل، بين الإعاقة الجسدية والتفوّق العقلي، بين الحلم الفردي والمشروع الجماعي. هذه شهادة عن اليسار، والوطن، والمقاومة، والثقافة، كتبت بنبرة الصدق والمرارة، لكنها مشبعة بروح التحدّي والإبداع.

في هذا النص، نستعرض مع الأستاذ عبد الحميد الفهري ملامح رؤيته للواقع العربي والتونسي، وحدود المثقف في زمن الانكسار، ووظيفة الإبداع في مواجهة الرداءة، ونطلّ على سيرته كأكاديمي، ومثقف عضوي، وباحث ملتزم، وروائي متمرد، يسعى بجرأة إلى إعادة تشكيل وعي الأمة… من قلب الوجع.

* يقال أن الابداع مهمة  شاقة  بمجرد انها نشاطا ذهنيا متمايزا لفئة من الأشخاص .نسالك ماهي ملامح وحدود  ووظيفة  الابداع  والمبدع 

وهل بوسعي تحديد ملامح وحدود ووظيفة الابداع والمبدع؟ هذه مهام تتجاوز كفاءتي لكن أبدي رأيي وأقول : الابداع حالة التفكير والفعل فوق ما كان عاديا وروتينيا . كل من يعمد إلى القطع مع التكرار والاجترار ويبادر بفكرة… بحركة… بجديد… يقابل به ما كان كلاسيكيا / رتيبا… هو مبدع يقاوم السائد / الردي/ االخامل / الجامد. إنّ أزمة البلاد بل كل البلدان الواقعة في مساحات الجهل (وهو سبب التخلف)  هو غياب الجرأة / الرغبة / القدرة… على المبادرة بجديد يقطع مع البالي . نحن شعوب مدمنة على استهلاك ما انتهت صلاحيته لانحباس ديناميات الحوافز والجزاء العادل بين الفاعلين… فما معنى نجاح شبابنا في اقتحام العمل الفكري (آلاف المهندسين في الإعلامية) في بلاد الغرب غير أنهم يجدون ما يقابل جهدهم ويرضي رغبتهم ويرفع عنهم المضايقات.  إن الابداع هو أحد آليات تجاوز الأزمات ويتعطل التوجه إلى الأمام إذا تعطلت ميكانيزمات الابداع

لو ترسم لنا خصوصية المدونة الإبداعية للأستاذ الأكاديمي والسياسي عبد الحميد الفهري بعيدًا عن التدقيق والتحقيق؟

قد يكون الإنسان في صفةٍ ولا يعرف نفسه بها إلا بعدما يفهم حقيقته. نعم، لعلّي كنتُ قرامشيًا قبل أن أقرأ قرامشي، بمعنى أنني تشبّعت ببيئتي وفهمتُ محيطي واندمجتُ فيهما بوعي أكاد أقول متكاملاً، قد يكون حصل لي لشديد انغماسي في الأوساط التي أعيش فيها، مساهمًا ومشاركًا وفاعلًا، لذلك كانت مسيرتي متعددة الأوجه، متكاملة بين الاجتماعي والمعرفي والسياسي. ولا شك أن لطَبعي وتربيتي وظروفي دورًا في تشكيل شخصيتي التي انبنت على التحدي، لا شيء غير التحدي:

أولًا: تحدي إعاقتي البدنية.

ثانيًا: تحدي شبح الحاجة والفقر في معاضدة جهود كل أفراد عائلتي لبناء عائلة متوازنة.

وثالثًا: أن أرتقي إلى الصورة التي رسمها في ذهني والدي، لروحه ألف سلام، وهو بلوغ المقام الراقي بفرض الحضور بالتفوق في العمل… والدي لا يؤمن بغير العمل… مع حبّ شديد للحياة ومباهجها.

وبعدُ، ليس في كل ما حققته من نجاح في العمل وفي الأنشطة الأكاديمية والثقافية شيء يخرج عن دائرة وعيي بواقعي، ولعلّي عبّرتُ عن ذلك في رواياتي التي كتبتها: «حماني سندور» و**»دوّار في الدوّار»** وVertige au village، وهي صدى لواقعي ولواقع بلادي العليل والمرير في آنٍ معًا.

الإبداع عمومًا تمرين على النقد: ما هي أهم النصوص التونسية المشعّة التي تناولت مساءلة قضايا الوطن والمواطن؟

ليس في المدونة العربية عمومًا، ولا التونسية، نصوصٌ مشعّة تتناول المسألة الوطنية، بخلاف أعمال المفكرين العرب في السبعينات والثمانينات إلى حدود التسعينات… وأنا، بحكم اختياراتي الفكرية، أعتني بالنصوص ذات العمق الأيديولوجي، في دائرة الفكر العلمي المادي التاريخي. لقد قرأتُ مبكرًا أعمال المفكرين القوميين: عصمت سيف الدولة، نسيم البيطار، والطيب التيزيني… ثم أخذني تطوّر فهمي في تناول المسألة الوطنية إلى قراءة أعمال المفكرين الماركسيين: مهدي عامل، حسين مروة، وسمير أمين. كما شدتني نصوص الجدل بين مفكري المغرب العربي، ذات الأعماق الأكاديمية، في حوارات عبد الله العروي، هشام جعيط، والجزائريين.

هذه القراءات مكّنتني من فهم العلاقة بين المسألة القومية والتوجهات الماركسية في رؤية المسألة الوطنية. وهنا أقدّم موقفًا قد يصدم بعض القراء: لقد تبيّن لي، بعد دراسة أنماط الإنتاج وطبيعة المجتمعات العربية، أن الماركسية لم تقدّم مادة كاملة ودقيقة حول هذه المسائل، لسبب أساس، وهو جهل المنظرين الماركسيين (بل ماركس نفسه) بالمدونة العربية.

وفي رأيي، أن الهادي التيمومي قد تفطّن للمسألة وكتب عملاً لم يُنصف كما يجب، حول نظام «الخُماسة» في واحات شمال إفريقيا، وهو ما حفّزني لمواصلة تدقيق أنماط الإنتاج وطبيعة مجتمعنا العربي، بناءً على عودة للمدونة العربية. وقد أقدّم في نهاية 2026 نتائج أعمالي، فقد انقطعتُ عن البحث فيها منذ 7 أكتوبر 2023، مع طوفان الأقصى، الذي نبّهني، بعد مواقف عرب النفط والمال، إلى جوانب مهمة في طرحي، كنت فيها ضائعًا، لا سيّما ما يتصل بالعلاقة بين…

يُعد مصطلح «الأزمة» الأكثر تداولًا واستخدامًا وانتشارًا في جميع مناحي الحياة. هل طالت الأزمة الفكر والعقل العربي والتونسي؟

الأزمة أزمات، وليس هناك قطاع أو ميدان في تاريخ العرب المعاصر سلِم من الأزمات، لكن إلى حدود الثمانينات كانت أزمة الفكر والعقل العربيين عرضية ومؤقتة، مرتبطة بظرفياتها، كهزيمة العرب في 1967 وغيرها.

لكن الإشكال الأكبر أن هذه الأزمات صارت هيكلية، من حيث وتيرتها، وخاصة من حيث جوهرها. فقد تبيّن (في رأيي) أن العقل العربي، كما يقول الجابري، لم يستوعب الحداثة، ولم يستطع بناء موقف ضمن خريطة العقل الإنساني المعاصر، بعد فشل تجربة الاستقلال، وعودة كل دولة/سلطة من بلاد العرب إلى التبعية الجزئية أو الكلية للقوى الاستعمارية الكلاسيكية، لكن في هذه المرة في دائرة الإمبريالية، بعد هيمنة الإمبرياليات العظمى على العالم، لا سيّما الأمريكية والسوفياتية.

في المقابل، لا أريد الحديث عن «عقل تونسي»، لأن المسألة لا تستقيم… وتونس في هذا السياق لا تخرج عن مجمل الموقف العربي من الحداثة والمعاصرة.

أستاذ عبد الحميد، أنت مصنّف من المبدعين اليساريين، ويُقال إن اليسار حالة ثقافية فقط… هل من تعليق؟

بدون تواضع، لا أعرف هل أنا جدير بصفة «مبدع يساري»، لكني أحاول إرضاء ميولي الفكرية والعقلية اليسارية / المعارضة / المنتفضة / وربما الثورية… أمّا التعبير عن اليسار التونسي بأنه حالة ثقافية فلا يمكن قبوله كلّه، ولا رفضه جملةً. فقبل كل شيء، ما هو اليسار الذي تعنيه؟ فـ»يسار» الشيء ليس بالضرورة نقيضه، بل يمكن أن يكون جاره ومكمّله، بينما «اليسار» في المقولة الماركسية هو النقيض الثوري للقوى الرجعية، المهيمنة على وسائل الإنتاج، والتي تصل إلى السلطة تبعًا لاضطراب الوضع الدستوري واجتماع الأطراف الباحثة عن استقرارٍ يُديم وضعها على حساب الإبقاء على القوى المسحوقة في موضعها. فأقولها بشيء من الجرأة: لم تعرف تونس، ولا البلاد العربية، يسارًا بالمفهوم الثوري سوى براعم وبوادر لجمهورٍ يحمل ثقافة مخالفة للسلطة المنتصرة. فإلى حدٍّ ما، اليسار العربي والتونسي هو حالة ثقافية لشرائح غير منسجمة فيما بينها، وغير منسجمة مع الطروحات التي تطرحها بنفسها.

يُقال إن المثقّف الذي لا يتحسّس آلام شعبه لا يستحق لقب المثقف. هل أنت «قرامشي» في الإبداع، وفي النقد، وفي الحياة؟

أن أقول إني «قرامشي» في الإبداع وفي النقد، فهذا ادّعاء وغرور. فأنطونيو قرامشي طرح المسألة ضمن واقع نضالي يرتبط بحالة إيطاليا النازية، لذلك لا تتفق السياقات التي نعيشها مع ما يطرحه قرامشي. لكن إذا نظرنا في مقولات أندريه غاندر فرانك، الذي أسّس لنص مرجعي في علاقة الوطني بوطنه، فطبعًا لا يكون أحدنا مثقفًا عضويًّا دون أن ينزل إلى أعماق شعبه ومجتمعه، وينخرط عمليًّا في إزاحة المظالم وإرساء العدالة الاجتماعية.

كتونسي متابع… نسألك: أي مستقبل لتونس في سياق الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقيمية التي تمرّ بها؟

إن تقديم آراء ذات بُعد استراتيجي لا يكون إلا بتوفر مؤشرات ودراسات علمية ومعطيات دقيقة، وهذا – إلى حدّ علمي – غير متوفر، ولم يُتوجّه للقيام به أخصائيون، وذلك ببساطة لغياب الكفاءات في الأعمال الاستراتيجية. لذلك أقدّم آراء / أفكار / أحاسيس لا ترقى إلى الحدّ الاستراتيجي. فالبلاد التونسية انزلقت نحو رداءة في وضعها السياسي، خطيرة، لسببين:

أولًا: غياب وسائل الحسم السياسي كدور الأحزاب والمنظمات الوطنية والرموز السياسية الاعتبارية وقوى نافذة في المجتمع المدني. فليس في البلاد رأي / سياسة / توجّه غير ما تمليه السلطة السياسية.

ثانيًا: المواطن العادي يعيش بين الدهشة والخوف من المستقبل، والعجز عن اختيار سبيل بديل لغياب هذه السبل أصلًا. فالضياع هو الغالب على المشهد… قد لا نكون بلغنا حدًّا خطيرًا على سلامة الوطن، لغياب أي مؤشر للصدامات بين فئات المجتمع ومكوّناته… لكن واقع بلوغ البلاد حدّ الفراغ والوهن السياسي قد يؤشر لمستقبل صعب، لا سيّما بعد تفاقم أزمة اتحاد الشغل داخله، ثم مع السلطة.

لو نسألك عن المجازر التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في غزة، أما صمت وخذلان وتواطؤ أغلب القادة العرب ودعم الدول الغربية؟

أوّلًا، أخجل من أني عربي ومسلم، وأحاول إنقاذ ما بقي فيّ من إنسانية. فغزة، بعد طوفان الأقصى، هي وابل من العِبر والدروس حول أوهامٍ تتّصل بمعاني الأمة… بلاد الخليج والمغرب الأقصى توجّهوا نحو زمن جديد، زمنٍ آخر براغماتي في فهم الإمبريالية وفهم حقيقة الكيانات في الشرق.

لقد عرّت حرب غزة، التي أتت بها المقاومة (لا أناقش الآن الموقف من حماس)، عورات العالم، وحقيقة التحوّلات في الشرق. فلم يعد هناك شكّ بأن بلاد العرب، بخلاف الجزائر وتونس واليمن، قد تكون قدّمت للأمريكيين صكّ الموافقة على دولة «إسرائيل الكبرى» بجوار عربي آمن، سواء بالنسبة للبلدان المحيطة بالكيان الصهيوني أو بالنسبة لموقعها في الشرق.

والبلدان العربية المناهضة للتطبيع ليست قادرة على إعادة جبهة الصمود، ولا على بعث جبهة جديدة، لا سيّما بعد ضرب حزب الله، والقضاء على السند الإيراني، وسحق القوى المقاومة في سوريا والعراق. وطبعًا، آلة بلوغ هذا الوضع كانت تركيا، الخادم الخطير للتوجهات الإمبريالية في المنطقة.

لو كانت الحياة كتابًا نعود إليه ونقرأه متى شئنا لاستخلاص المستقبل من التاريخ… ما هي أهم مرحلة في «كتاب» الأستاذ عبد الحميد الفهري؟

سؤال صعب، لكن كما أشرت سابقًا… كان لدور البيئات الأولى: عائلتي، ولا سيّما والدي، وحارتي الشعبية وأهلها البسطاء جدًّا في صفاقس، وقريتي العتيدة «العباسية»، وأهلي المتضامنين في قرقنة، أثر كلّه في نحت شخصيتي. إنّ أكبر الدروس التي تنحتها الأيام في عقولنا هي تلك التي نتلقّاها ونحن منسجمون مع واقعنا، محبّون لأوساطنا، راضون عن واقعنا، مع التزام غير مشروط بكل ما تستوجبه الظروف لخدمة هذه المواطن.

هل هناك كتاب أهملته وأنت مكتبة مزدحمة؟

نعم، وأنا بصدد التدارك… وسيكون كتاب العمر حول نواقص المنظور الماركسي في مسائل طبيعة المجتمع وأنماط الإنتاج التي تحتاج إلى مراجعة. لقد جعلني طوفان الأقصى أراجع كل ما كانت مسلمات، وسأسعى لتقديم أعمالي في السنة القادمة.

أنت باحث في تاريخ المشرق الإسلامي. ما هو الفرق بين إسلام الشرق وإسلام المغرب؟

الفرق كبير بين المنطلقين منذ المنطلقات البكر مع الخوارج والشيعة، فقد قبل بربر المغرب الإسلام، ولكنهم رفضوا العرب كجنس مهيمن وقاوموه مقاومة شرسة بطولية، وقد نكّل بهم العرب أيما تنكيل. ولأهمية هذا البُعد في فهمي للصراع، كان أول عمل نشرته في: الكراسات التونسية «البربر من خلال المؤلفات العربية إلى حدّ ابن خلدون (1996)»، وعريت فيه مظالم العرب، وكلفني ذلك غضب أطراف جامعية… لكن وجد عملي استحسان قطبين هما مؤطري هشام جعيط والمهتم بتوجهاتي محمد الطالبي. أما إسلام المشرق فظاهره سياسي لكنه مذهبي، وعمقه يقوم على صراع الفئات المتزاحمة ذهنياً وليس اقتصادياً، وقد عبّرت عن ذلك في كتاب «إسلام الملل والفرق والنحل»، بينت فيه أن محرك الشرق الإسلامي مذهبي عقائدي ذهني وغير عقلاني، وأهديت الكتاب للأستاذ محمّد الطالبي (1998).

لو تجيبنا عن سرسينا إلى حشاد؟

الرواية روايات، وأنت رواية متمردة كتبت في فضاء ملغوم بالأسلاك الشائكة.

أنا أحاول أن أتجاوز العقبات بالدوام والمثابرة. لقد حملني لكتابة الرواية ضعف الحيّز المتاح في كتابة التاريخ للحديث عما لا يستجيب لشروط كتابة التاريخ، كالمعلومات التي مررتها حول حشاد وعاشور وعم خميس (المولدي زليلة) في علاقة بأجواء ملاحة العباسية قبل الحرب الكونية الثانية، وهي منطلق كل عمل نقابي في تاريخ البلاد بأكملها، لا قرقنة وحدها، وذلك في روايتي «حوماني سندور». أما رواية «دوار في الدوار» الثانية فهي صيحة طلبة من الرقاب عانوا مرارة الحياة بسبب العطالة والبطالة، ونقلت أجواءهم وهم يناضلون ويواجهون سلطة عاجزة تماماً عن حل معضلاتهم (كتبت فيها عن اعتصام الطلبة سنة 2020، وهو ما يعاد بنفس الآلام حالياً). وستقرؤون روايتي الجديدة: «وراء البلايك»، وهي تعرية لموقف التونسي العربي المسلم في علاقة بالمرأة: تذبذب وتناقض وفشل، بل تواصل للعقل القروسطي المغلف بسلطات جديدة لا غير.

كيف نجحت نسبياً في تأسيس مشروع المتحف؟

ومن قال أنني نجحت؟ إنها مغامرتي، خضتها بفضل زوجتي وبفضل عائلتي وأصدقائي ورفاقي في أجواء تضامنية نادرة، هي انتصار على السلطات البالية المحتكمة لعقل سلطوي تسلطي… فقد عانيت الأمرّار ليس بسبب صعوبة إنجاز المشروع وإنما لما كان من سلطة الإشراف وبيادقها في أوائل سنوات 2000 من عدائية في مواجهة فكرة أتت من «عدوّهم الفكري ونقيضهم الطبقي» إلى درجة أنه تمّ حرق المتحف ليلة افتتاحه (26 أفريل 2004) لرفضي تدشينه من قبل السلطة، ومع ذلك وقفت منتصِباً منتصراً بفضل من ذكرت، وأردفت المتحف بمركز سرسينا للبحوث في الجزر المتوسطية، وهو نقطة لقاء جامعيين وأكاديميين بشكل دوري… ومركز نشر أعمال أكاديمية في أعلى مستوى علمي… وربما كان للبعد الدولي للمركز والمتحف دور في الكفّ عن إيذائي. المهم، هذه المؤسسات هي اليوم منارات في خدمة الطلبة والجامعيين، وسأحرص على دوام إشعاعها بوسائلي المتاحة ما حييت.

يقال أن الوطد كبحر قرقنة. لو نسألك عن الفكر الوطني الديمقراطي عبر مراحل الزمن في الصحو والنوم، هل من تعليق؟

هذا يحتاج إلى وقت طويل، أرجو تركه لمناسبة قادمة.

أستاذ عبدالحميد الفهري، ما هي أهم مشاريعك وأنت الحالم الحليم دائماً؟

أولاً: نشر كتاب «جدلية العروبة والإسلام من خلال دراسة وسائل الإنتاج وطبيعة المجتمع».

ثانياً: التوفيق في بناء برج غزة في قرقنة، وقد تقدمت بالمشروع لسلطة الإشراف المحلية ولقيت ترحاباً، كما أن مركز التربصات بالرملة سيحتضن أشغال الإعداد. وبالمناسبة أدعو كل من يريد مدّ يد العون لهذا العمل أن يبادر بالاتصال بي على حسابي الخاص في الفيسبوك… فلا أريد أن أقصي أحداً. مع شكري اللا محدود لأخي حمادي الذي مدني بكل الحاجيات المعدنية…

أسماء في كلمات:

دار المعلمين العليا تونس؟

دار المعلمين العليا تونس هي وكري الجامعي الأول الذي تعلمت فيه العلم والنضال في ظرف متيسّر، فكنا موسومين بـ«البرجوازية الطلابية». لكن كان بالدار في أواخر سبعينات القرن المنصرم مناضلون وطنيون ديمقراطيون من المعيار الصافي والراقي. ولا ننسى أن التكزين المتميز لطلبة الدار كان وراء طهور نخبة هامة ممن سيتولون الجامعة تدريساً وبحثاً.

شكري بلعيد؟

شكري بلعيد كان يمكن أن يكون منقذ اليسار ومجسّم حلمنا في توحيده، بل شكري كان مشروع تحقيق التحرر الوطني.. وقد تم قصف شكري لما حصل لأعدائه الإسلاميين من وعي بخطورة مشروعه السياسي على وجودهم، بل كان عدوّ كافة الرجعيين الذين تستروا على قتله لطبيعة علاقتهم بالسلطة. لروحه ألف سلام على المؤمنين بسداد رأيه والعمل على تحقيق مشروعه.

spot_imgspot_img