spot_img

ذات صلة

جمع

هل نهاية للعولمة؟

الكاتب والناقد: حسني عبد الرحيم عندما فرض الرئيس الأمريكي "دونالد...

أنا أحب إذن أنا موجود: أو الفلسفة والفائض من الغرائز

بقلم الأستاذ: الأسعد الواعر أنا أحب إذن أنا موجود هو...

آنِي.. فِي كَنَفِ “الآنِي”

الكاتب والشاعر: شاهين السّافي يذكر أنها تلقت أغرب طلب...

“أهيم عشقا بأمّ القرى ” لجلال باباي: مراثي الخريطة…

رياض خليف تصفحت هذا العمل كثيرا، مقتفيا خطى كلمات الشاعر...

بين إسرائيل والغرب، إنكار الإبادة الجماعيّة المحتملة لفلسطين

بين إسرائيل والغرب، إنكار الإبادة الجماعيّة المحتملة لفلسطين[1]

أسامة مقدسي[2] Ussama Makdisi

ترجمة المنتصر الحملي

(يوضّح أسامة مقدسي في هذا النّصّ أنّ هناك ما بين إسرائيل والغرب مجتمعا لسانيّا لا يتمتّع فيه العربيّ، الفلسطينيّ، بنفس القيمة الّتي تتمتّع بها شعوبُ شمال الكوكب. هذه العنصريّة متجذّرة في تاريخ الاستعمار الأوروبّي الّذي تُعتبَر الصّهيونية أحدَ مظاهره، ولا تزال مستمرّة حتّى اليوم في البُنى الاجتماعيّة للمجتمعات الأوروبّية وأمريكا الشّمالية والمجتمع الإسرائيليّ. كما أنّها تحتوي على إبادة جماعيّة محتمَلة يسلّط المؤلّف الضّوء عليها هنا، وتنكشف اليوم في غزّة – أمام أعين العالم بأسره.)

***

لطالما كانت مناصرة الغرب للصّهيونية على صلة ملتبسة بالإبادة الجماعيّة. فجذور الصّهيونيّة، بصفتها إيديولوجيا سياسيّة، تعود إلى زمن كانت فيه الإمبراطوريّات الأوروبّية تبرّر باستمرار إبادة أولئك الّذين تعتبرهم شعوبا أدنى مرتبةً وهمجيين غير متحضّرين. ويستند الوعد بتأسيسها على نوع من الإبادة الجماعيّة المَجازيّة.

  • في جذور الصّهيونيّة ومناصرة الصّهيونيّة، هناك عنصريّة استعماريّة

كانت الفكرة الصّهيونيّة الأوروبّية في القرن التّاسع عشر المتمثّلة في زرع دولة قوميّة يهوديّة بالكامل والحفاظ عليها في بلد متعدّد الأديان اسمه فلسطين قائمة منذ البداية على محو تاريخ الفلسطينيين الأصليين وإنسانيّتهم. وفي أعقاب المحرقة الألمانيّة لليهود الأوروبّيين، تعزّزت مناصرة الصّهيونيّة philosionisme الغربيّة بقوّة من خلال الشّعور بالذّنب والتّعاطف مع فكرة الدّولة اليهوديّة. اليوم، وصلت مناصرة الصّهيونيّة إلى نقطة في رحلتها تؤيّد فيها فكرة الإبادة الجماعيّة في غزّة باسم الدّفاع عن هذه الدّولة اليهوديّة. فمنذ أن غادر المقاتلون الفلسطينيّون “الأشرار” قطاع غزّة وهاجموا وقتلوا جنودا ورجال شرطة ومستوطنين مسلّحين ومدنيين إسرائيليين في السّابع من أكتوبر 2023، أصبح دعم اللّيبراليين والدّول الغربيّة لــ “حقّ إسرائيل في الدّفاع عن نفسها” ساحقا. ولم يتضاءل هذا الدّعم القويّ حتّى وإسرائيل تنفّذ بشكل منهجيّ حملة الأرض المحروقة منذ شهر تقريبا، فدمّرت عشرات الآلاف من المنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والمخابز، وأخضعت السّكان اللاّجئين الفلسطينيين في غزّة لعقاب جماعيّ لا مثيل له في وحشيّته. تكشف هذه الحلقة الأخيرة من الحركة الصّهيونيّة بشكل أكثر وضوحا من أيّ وقت مضى عن المعايير المزدوجة القاسية الّتي تكمن وراءها: فتاريخ اليهود الإسرائيليين وحياتهم يُحترَمان؛ بينما يتمّ الحطّ من قيمة تاريخ الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين وحياتهم بشكل جوهريّ.

إنّ لهذه المعايير المزدوجة تاريخا طويلا يعود إلى الحقبة الّتي تبنّى فيها رجال دين من البروتستانت المتحمّسين في أوروبا وأمريكا الشّماليّة فكرة “عودة” اليهود إلى فلسطين التوراتيّة، دون أن يعيروا اهتماما للسّكّان الّذين كانوا يعيشون آنذاك في فلسطين ولتنوّعهم. كما تجاهلت الحركة القوميّة الصّهيونيّة النّاشئة في أوروبا الوسطى والشّرقيّة بين اليهود الأشكناز الأوروبّيين السّكّانَ الفلسطينيين الأصليين. ويمكن تفسير ذلك جزئيّا بالجغرافيا: فالصّهيونيّة لم تنشأ داخل المجتمعات اليهوديّة القديمة في الشّرق، بل في أوروبّا البعيدة. وقادتها ليسوا من اليهود العرب أو الشّرقيين، بل من اليهود الأشكناز الأوروبّيين. أما عن إيديولوجيّتها القوميّة العرقيّة الدّينيّة، فإنّها لم تتشكّل من خلال التّعدّدية الّتي كانت سائدة في الشّرق الأوسط في ذلك الوقت، بل بفعل القوميّات العرقيّة والإثنيّة واللّسانيّة المتنافسة في أوروبّا. إنّ معاداة السّاميّة العنصريّة الّتي تتجلّى في أوروبّا غريبة على إيقاعات الاختلافات الدّينيّة، والتّمييز، والتّعايش المألوفة لدى سكّان الشّرق الإسلاميّ العثمانيّ على اختلافهم.

يعتمد تعالي الصّهيونية الأوروبّيّة تجاه السّكّان الأصليين، على الأقلّ جزئيّا، على العنصريّة. لأنّ المشروع الصّهيونيّ كان يتطوّر بوصفه مشروعا استعماريّا. فبينما كان التّيّار الصّهيونيّ الرّئيسيّ يتصارع مع معاداة السّاميّة العنصريّة في أوروبّا، كانوا يستعيرون في تعابيرهم العديد من الاستعارات العنصريّة الأساسيّة للثّقافة الغربيّة في القرن التّاسع عشر ويتقاسمونها ويساهمون فيها وينشرونها: مثل ترديد أنّ أراضي الشّعوب الأصليّة ستكون “فارغة” إلى حدّ كبير وبالتّالي متاحة للاستعمار، وأنّ الاستعمار سيكون هو الخلاص، وسيكون طرد الشّعوب الأصليّة من أراضيها أمرا حتميّا أو ضروريّا لأنّ هذه الشّعوب أدنى مرتبة من النّاحيتين العرقيّة والعقليّة، وغير متحضّرة، ومن ثُمّ ليس لها قيمة تاريخيّة أو أخلاقيّة. وبهذا المعنى، فإنّ أحد شعارات الحركة الصّهيونيّة كان “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض“.

ويتجلّى الاستشراق المتأصّل في هذه الصّهيونيّة الاستعماريّة في كلّ من وعد بلفور لعام 1917 والميثاق الرّسميّ للانتداب البريطانيّ على فلسطين لعام 1922. لم تشر أيٌّ من هاتين الوثيقتين الاستعماريّتين بشكل مباشر إلى الفلسطينيين. فهؤلاء وُصفوا بأنّهم “مجتمعات غير يهوديّة” تقلّ أهمّيّتها التّاريخيّة والدّينيّة والحضاريّة مقارنة بأهمّيّة “الشّعب اليهوديّ”، الّذي تمّ تحديده صراحةً على أنّه أكثر أهمّيّة. ويشرح آرثر بلفور نفسه أهمّيّة هذا الإخفاء في مذكّرة سرّيّة في عام 1919. فهو يعترف بأنّه من غير المجدي التّظاهر بأن مفهوم تقرير المصير الّذي تطوّر في فترة ما بعد الحرب يمكن التّوفيق بينها وبين الصّهيونيّة في فلسطين، حيث تمّ تشجيع يهود من أوروبّا في المقام الأوّل على الإقامة في فلسطين واستيطانها واستعمارها وكذلك على إعادة شراء ما كان يُعتبر عادة أرضا مهجورة. لقد كتب بلفور في عام 1919:

“في فلسطين، نحن لا نقترح حتّى النّظر في رغبات سكّان البلاد الحاليين. (…) إنّ القوى العظمى الأربع ملتزمة بالصّهيونيّة. والصّهيونيّة، سواء أكانت صحيحة أو خاطئة، جيّدة أو سيّئة، متجذّرة في تقاليد عمرها قرون، وفي احتياجات الحاضر، وفي آمال المستقبل، وهي ذات أهمّيّة أكبر بكثير من رغبات 700 ألف عربيّ يسكنون هذه الأرض القديمة اليوم ومن أحكامهم المسبقة.”

الصّهيونيّة ومحو الوجود الفلسطينيّ العربيّ

ومع ذلك، فإنّ هذه الأجساد الأصليّة تمثّل وجودا حقيقيّا للغاية – وتمثّل بالنّسبة إلى القوميين الصّهاينة الّذين يريدون بناء دولة يهوديّة في فلسطين وجودا غير مرغوب فيه بشكل ملموس. وخلافا لرجال الدّين البروتستانت المنعزلين وبعض الأكاديميين المهووسين بنبوءات الكتاب المقدّس، فإنّ الصّهاينة الاستعماريين مشغولون على نحو متزايد بسؤالهم “العربيّ”: كيف يمكن، باختصار، تحويل أرض تسكنها فعليّا أغلبيّة ساحقة من العرب إلى دولة يهوديّة خالصة؟ وبعبارة أخرى، يُنظر إلى الفلسطينيين المسلمين والمسيحيّين على أنّهم عقبة حقيقيّة أمام حسن تقدّم الصّهيونيّة الاستعماريّة. ويتمّ تصوّرهم على أنّهم أجساد مادّية يجب تجاوزها، وتجنّبها، وقمعها، وحجبها عن الأنظار، وفي نهاية المطاف طردها جسديّا من الأرض.

كما أنّ الحركة الصّهيونيّة لا تقوم بأيّ مراجعة لاستيهامها المتمثّل في تحويل أرض متعدّدة الأديان، وحافظت على مدى قرون على روابط ثقافيّة ولغويّة ودينيّة وتجاريّة وتاريخيّة عضويّة عميقة مع الأراضي المحيطة بفلسطين، إلى دولة يهوديّة ذات سيادة منفصلة عن البيئة الاجتماعيّة لفلسطين. وبدعم من حماتها الإمبراطوريين البريطانيين، كثّفت الحركة الصهيونيّة مشروعها الاستعماريّ المنهجيّ لفلسطين. في عام 1923، وصف المستوطن الرّوسي المولد فلاديمير جابوتنسكي الصّهيونية الاستعمارية بأنّها “جدار حديديّ” من شأنه أن يسحق روح سكّان فلسطين الأصليين. فخلف هذا “الجدار الحديديّ”، الذي تحميه حراب الإمبراطوريّة البريطانيّة، أصرّ جابوتنسكي على أنّ الصّهيونيّة الاستعماريّة يمكن أن تتطوّر دون عوائق وتطرد السّكّان الأصليين من أراضيهم في نهاية المطاف، مهما كانت احتجاجاتهم. ووفقا له، فقط عندما يتخلّى السّكّان الأصليون عن كل أمل في المقاومة، يمكن للصّهاينة أن يأملوا في صنع السّلام مع “البدائيين” الفلسطينيين. هذا الموقف غير المبالي بالفلسطينيين أدّى إلى انفصال بعض الصّهاينة اليهود الأوروبّيين البارزين، مثل هانز كوهن Hans Kohn، عن الحركة بشكل حازم في عام 1929. فقد صُدم كوهن بالفعل من ازدراء الصّهاينة لتطلّعات الفلسطينيين الوطنيّة. كما أنّ شعر بالفزع من الطّريقة الّتي تنكر بها الحركة الصّهيونية حركتهم العادلة من أجل الحرّيّة السّياسيّة والوطنيّة. وأصرّ كوهن في ذلك الوقت على أنّ “الصّهيونية ليست هي اليهوديّة“.

ولكنّ كوهن صوت وحيد في الصّحراء. فبعد صعود النّازيين المعادين للسّاميّة والعنصريين في ألمانيا، لجأ العديد من اليهود الأوروبّيين الآخرين، الّذين مُنعوا من الهجرة إلى الولايات المتّحدة بسبب قوانين الهجرة العنصريّة في ذلك البلد، إلى فلسطين. وسرعان ما جُنّد هؤلاء اللاجئون القادمون من أوروبّا في القضيّة القوميّة الصّهيونيّة المتشدّدة بشكل متزايد، إلى جانب العديد من اليهود الشّرقيين والعرب من فلسطين والمنطقة. وفي أعقاب انتفاضة واسعة مناهضة للاستعمار قام بها الفلسطينيّون ابتداءً من عام 1936، وضعت السّلطات الاستعماريّة البريطانيّة خطّة تقسيم مدمّرة للغاية في عام 1937. وكانت هذه الخطة نذيرا بخطّة التّقسيم الكارثيّة لفلسطين الّتي وضعتها الأمم المتّحدة في عام 1947. في كلتا الحالتين، تضمّنت الخطّتان تجريدَ الأغلبيّة الفلسطينيّة الأصليّة من جزء كبير من أراضيهم ومنازلهم لإفساح المجال أمام إقامة دولة يهوديّة. فعلى سبيل المثال، اعترفت خطّة التّقسيم البريطانيّة بيل Peel لعام 1937 بظلم أيّ تقسيم بالنّسبة إلى العرب الأصليين الّذين كانوا يملكون غالبيّة الأراضي. وبنفاق ملحوظ، تشيد هذه الخطّة بـ”كرم” العرب مضرب الأمثال لتبرير إكراههم، “على حساب تضحيّة معيّنة”، في حلّ “المشكلة اليهوديّة” في الغرب.

قيام إسرائيل ووجهه الآخر: إفراغ فلسطين

كانت محرقة يهود أوروبّا على يد ألمانيا النّازيّة، وما صاحبها من نموّ الحركة الصّهيونيّة في فلسطين المحتلّة، بدعم من بريطانيا، سببا في تعزيز الضّرورة الغربيّة لإنشاء دولة يهوديّة على حساب الفلسطينيين. ففي الوقت الّذي كان السّاسة الأميركيون يرفضون فيه منح اللّجوء في الولايات المتّحدة للنّاجين من المحرقة، كانوا يدعمون إرسال اليهود النّازحين إلى فلسطين باسم الكرامة والإنسانيّة. وهكذا احتلّ القادة والدّعاة اليهود الصّهاينة مكانة أكثر أهمّية في فكر ما بعد الحرب، وقبل كلّ شيء، في أروقة السّلطة السّياسيّة وصنع القرار في الغرب مقارنة بنظرائهم العرب. فاستُبعِد السّكان الأصليّون الفلسطينيّون تماما من عمليّة صنع القرار الّتي تهمّهم بشكل مباشر. وفي نوفمبر 1947، صوّتت الأمم المتّحدة، الواقعة تحت هيمنة الغرب، لصالح تقسيم فلسطين وإنشاء دولة يهوديّة، على الرّغم من أنّ الغالبيّة العظمى من السّكان كانوا فلسطينيين وأنّ معظم فلسطين التّاريخيّة [94٪] تنتمي إلى الفلسطينيين.

وسرعان ما حلّت نكبة عام 1948 مشكلةَ الأجساد الفلسطينيّة في الدّولة اليهوديّة. فقبل حرب عام 1948 وأثناءها وبعدها، قامت القوّات الصّهيونيّة بطرد أكثر من 800 ألف فلسطينيّ إلى الأراضي المجاورة وصادرت منهم منازلهم وأراضيهم. وقد أشادت الدّول الغربيّة وزعماؤها اللّيبراليّون بهذا التّحول الإعجازيّ المزعوم. إليانورر وزفلت Eleanor Roosevelt على سبيل المثال، وهي إحدى الموقّعات المشهورات على الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، ألقت المسؤوليّة عن تهجير الفلسطينيين على العرب أنفسهم. كانت معجبة بروح إسرائيل الفتيّة المزعومة، وتنتقد العرب بسبب “تشدّدهم” في التّعامل مع إسرائيل، وتعتبرهم في نهاية المطاف مسؤولين عن تجريدهم ممتلكاتهم بأنفسهم. يتمّ تصوير الفلسطينيين باستمرار على أنّهم متخلّفون وبدائيّون وغير عقلانيين ومتعصّبون. وفي المقابل، كان يتمّ تمثيل الصّهاينة – ويتمثّلون أنفسهم إلى حدّ كبير – باعتبارهم روّادا حديثين يقومون باسترداد أرض “فارغة”. وقد وصف إدوارد سعيد هذا الشّكل من الاستشراق كما يلي: “كان انتقال العداء الشّعبيّ المعادي للسّاميّة من هدف يهوديّ إلى هدف عربيّ سلسا، لأنّ الصّورة كانت هي نفسها في الأساس”.

مناصرة السّامية ومناصرة الصّهيونيّة و”النّزعة الإنسانيّة” الغربيّة

أصبح التّماهي مع اليهود واليهوديّة بعد المحرقة، أو مناصرة السّاميّة philosémitisme، متشابكا تماما مع مناصرة الصّهيونيّة. في كتابه القادم “اليهود الطّيّبون: مناصرة السّاميّة في أوروبّا منذ المحرقة Good Jews: Philosemitism in Europe since the Holocaust”، يوضّح المؤرخ دانييل كوهين Daniel Cohen أنّ مناصرة الصّهيونيّة بالنّسبة إلى المثقّفين والسّياسيين الأوروبّيين هي وظيفة من وظائف مناصرة السّاميّة. في أعقاب الحرب العالميّة الثّانية، كانت إعادة التّأهيل الفلسفيّ والدّينيّ والأخلاقيّ لـ “الإنسان” – الأبيض والغربيّ بالطّبع – مبنيّة على الاعتراف بتاريخ معاداة السّاميّة الّذي بلغ ذروته مع صعود النّازيّة. ووفقا لكوهين، لم يُنظر إلى اليهود على أنّهم ضحايا نموذجيّون للنّظرة العنصريّة للعالم الّتي سادت لفترة طويلة في الغرب وقسّمت البشريّة إلى أعراق متفوّقة وأخرى أدنى. كان يُنظر إليهم بالأحرى على أنّهم ضحايا لشرّ مختلف، وهو معاداة السّاميّة، الّتي كانت تختلف من النّاحية المفاهيميّة والأخلاقيّة عن الأشكال الأخرى من العنصريّة. ولذلك فإنّ إسرائيل تمثّل بالنّسبة إلى الغرب تكفيرا ضمنيّا عن ماضيها؛ وبوصف إسرائيل دولة يهوديّة، فقد حصلت على تعويضات من ألمانيا. في هذا المنعطف المناصر للصّهيونيّة، فإن مناصرة اليهود واليهوديّة تعني بالتّالي مناصرة دولة إسرائيل الجديدة الّتي أُنشئت باسمهم. أمّا الفلسطينيون، فإنّ هذه الحسابات الأخلاقيّة لا تأخذهم في الاعتبار.

إنّ إنكار اللّيبراليّة الغربيّة لوجود موطئ قدم فلسطينيّ قديم ودائم وهامّ في فلسطين له آثار عميقة. فقد أدى ذلك إلى سلسلة من “الوصايا” المناصرة للصّهيونية الّتي شكّلت معالم النّزعة الإنسانيّة الأوروبّيّة المتمركزة على الذّات في فترة ما بعد الحرب. أولى هذه الوصايا تتمثّل في عدم التّشكيك في إسرائيل بوصفها دولة يهوديّة، مهما كان المصير الّذي تحدّده تلك الدّولة للفلسطينيين المسلمين والمسيحيين النّاجين من النّكبة. إنّ التشكيك في طبيعة دولة إسرائيل اليهوديّة يعني التّشكيك في قمع الغرب لماضيه المعادي للسّاميّة. في خمسينيات القرن الماضي، دعّم الليبراليّون الغربيّون وكذلك اليسار إسرائيل بقوّة ضدّ أعدائها العرب: جميع النّقابات والرّاديكاليين والاشتراكيين واللّيبراليين كانوا متحمّسين للدّولة الوليدة.

الوصيّة الثّانية هي اعتبار إسرائيل، على عكس العرب، امتدادا لـلغرب المؤَمثَل idéalisé: فإسرائيل لديها موسيقى كلاسيكيّة، ومؤسّسات أوروبّيّة، وجيش حديث، وروّاد في محاربة المتوحّشين، وكيبوتسات اشتراكيّة، وفوق كلّ شيء، هي أمّة فتيّة تتناقض مع صور اللاّجئين “العرب” في الخلفيّة، القذرين والمجهولين. إنّ إسرائيل هي ما أراده الغرب واحتاج إليه بعد الحرب العالميّة الثّانية: جزءا من نفسه متحرّرا، يُزعَمُ أنّه قد تطهّر من معاداة السّاميّة التّاريخيّة. أمّا الوصية الثّالثة، فتتمثّل في محو أيّ صلة محتملة بين الفلسطينيين الحقيقيّين والنّزعة الإنسانيّة الغربيّة: والنّتيجة الطّبيعيّة لهذه الوصيّة هي تركيز الاهتمام على الدّول العربيّة الّتي سارعت إلى التّدخّل عام 1948 لمساعدة إخوانها في فلسطين. وهكذا تمّ التّشهير بالعرب على أنّهم “غزاة” كانوا يريدون تدمير الدّولة اليهودية الوليدة وكلّ ما تمثّله من قيم غربيّة مسترَدّة.

الواقع على الأرض بالنّسبة إلى الفلسطينيين جدّ مختلف. لأنّ في قاعدة صرح هذه النّزعة الإنسانيّة والقيم الغربيّة الّذي نشأ بعد الحرب، يوجد شعب تمّ تجريده من أرضه من جرّاء الظّلم الفادح، وعندما عمل جاهدا على إزاحة هذا الظّلم جوبه بالتّشويه والرّفض من قبل الغرب. ولكنّ الفلسطينيين هم، قبل كلّ شيء، شعب يلتهمه الخيال الاستشراقيّ والغربّي العنصريّ الّذي يتخيّل صراعا قديما جدّا بين اليهود الّذين أصبحوا الآن روّادا والأعداء العرب القبيحين. في عام 1955، انتقد الشّاعر والكاتب الأسود الكبير المناهض للاستعمار إيمي سيزير Aimé Césaire المفهوم الغربيّ لحقوق الإنسان واصفا إيّاه بأنّه “نزعة إنسانيّة زائفة” لأنّه يقوم على تصوّر لـ “حقوق الإنسان” “ضيّق ومجزَّأ، جزئيّ ومتحيّز، وفي المحصّلة، “عنصريّ بشكل دنيء[3]“. يشعر سيزار بالسّخط على الطّريقة الّتي أصبحت بها دول ومجتمعات أوروبّا ما بعد الحرب على استعداد أخيرا لإدانة هتلر ومعاداة السّاميّة، من دون التّخلّي في الوقت نفسه عن معظم مستعمراتها دون قتال شرس ومستمرّ.

كما يشير سيزير إلى أنّ الولايات المتّحدة تواصل الحفاظ على منظومتها الوطنيّ للفصل العنصريّ. ورغم أنّ الأوروبّيين والأميركيين عازمون على إحالة معاداة السّامية إلى الماضي، فإنّهم عاجزين عن الاعتراف بأنّ الفكر العنصريّ النّازيّ ليس إلاّ ترجمة مرَضيّة ومتطرّفة إلى حدّ كبير لخطاب غربيّ وممارسةِ هيمنة عنصريّة لقرون طويلة. وبدلا من ذلك، فهم إذ يجعلون ألمانيا النّازيّة حالة استثنائيّة، ويقومون بعزلها عن الثّقافة والتّاريخ الغربيين الحديثين، ويفصلون النّضال ضدّ معاداة السّاميّة عن الكفاح الأوسع ضدّ العنصريّة والاستعمار، يجعلون المرء يحبّ إسرائيل واليهود بينما يستمرّ في كراهيّة العرب والسّود؛ بل يمكنه حتّى أن يحبّ يهود أوروبّا، غير الموجودين من الآن فصاعدا بصورة كبيرة في أوروبّا، وأن يحبّهم بالأحرى في وطنهم الجديد، الّذي هو في نظر الغربيين المعادين للسّامية موجود في إسرائيل… وليذهب العرب إلى الجحيم.

إنكار دائم لوجود الفلسطينيين ودعم لإسرائيل

سرعان ما نسي المجتمع الدّوليّ الفلسطينيين بوصفهم شعبا. وعلى حدّ تعبير غسّان كنفانيّ الشّاعريّ، أصبح هذا الشّعب “رجالا في الشّمس“، لاجئين عديمي الجنسيّة وغير محميين يسعون إلى إعادة بناء حياتهم المحطَّمة في ظروف يائسة، حيثما أمكنهم ذلك. ويوضعون تحت وصاية نظام رعاية اجتماعيّة تشرف عليه الأمم المتّحدة، متمثّل في وكالة الأمم المتّحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى وتشغيلهم (الأونروا)، والّذي يفرغ الأجندة الدّوليّة من حقوق الفلسطينيين السّياسيّة. إنّ المجموعات العربيّة والإسلاميّة داخل الغرب إمّا صغيرة أو مهمَّشة للغاية. لم تخترق عمليّا مؤسّسات الدّولة الغربيّة أو الثّقافة أو التّعليم العالي. وفي المقابل، التفّت الحركة الصّهيونيّة حول دولة إسرائيل الجديدة وانخرطت باستمرار في تعبئة المجموعات اليهوديّة ولم تأل جهدا لتنظيم الحملات من أجل سيطرة الإيديولوجيا الصّهيونية داخلها: فالمسلّمة الّتي تنطلق منها هي أن تكون يهوديّا يعني أن تكون صهيونيّا، يعني أن تشعر وتفكّر وتؤمن بأنّ دولة إسرائيل تمثّل الشّعب اليهوديّ بأكمله. كما أنشأت الحركة الصّهيونيّة آلة هائلة من جماعات الضّغط ذات حضور قويّ في جميع الدّول الغربيّة الكبرى، وخاصّة في الولايات المتّحدة. وتعزّزت العلاقة الوجدانيّة والإيجابيّة والعاطفيّة مع إسرائيل من خلال حملة لإحياء ذكرى المحرقة في جميع أنحاء الغرب اللّيبراليّ، والّتي اكتسبت زخما بعد عام 1967.

الوجه الآخر لعُمْلة إحياء ذكرى الإبادة الجماعيّة النّازيّة هو الحذف المستمرّ لحقيقة بالغة الأهمّيّة، وهي أنّه كان على الفلسطينيين أن يدفعوا بشكل جماعيّ أعلى ثمن مقابل إنشاء دولة يهوديّة على أراضيهم، وذلك على الرّغم من حقيقة أنّه لم يكن لديهم سوابق تاريخيّة في معاداة السّاميّة العنصريّة على النّمط الغربيّ. لقد عقد المعادون للسّاميّة الحقيقيّون في أوروبّا صفقة دنيئة مع إسرائيل. إذ غضّت هذه الطّرف عن الألمان التّائبين الّذين دفعوا التّعويضات، بل وحتّى غفرت لهم. كما أقامت علاقات مع المتعصّبين المسيحيين الإنجيليين المعادين لليهود، رافضة في ذات الوقت وبشكل قاطع تحقيق العدالة للسّكّان الفلسطينيين الأصليين، الّذين صوّرتهم باستمرار زورا وبهتانا على أنّهم معادون للسّامية حتّى وهي تستعمر أراضيهم.

ومع أنّ الدّولة الإسرائيليّة، التّوسّعيّة بشكل علنيّ، بدأت تفقد بعض حلفائها اليساريين بعد عام 1967، عندما غزت واحتلّت القدس الشرقيّة وقطاع غزّة والضّفة الغربيّة وسيناء وهضبة الجولان، إلاّ أنها احتفظت بسهولة بمكانتها لدى الحلفاء اللّيبراليين بل ورأت آخرين يقتربون منها، ونعني بهم المحافظين والصّهاينة المسيحيين. وهكذا زاد الدّعم الماليّ والسّياسيّ والعسكريّ والسّياسيّ الأمريكيّ لإسرائيل بشكل كبير في سبعينيات القرن العشرين.

دخول الفلسطينيين إلى السّاحة عن طريق المقاومة

لقد ظلّ الفلسطينيون لفترة طويلة بعيدين عن الأنظار وعن الأذهان حتّى لم يعودوا موجودين. فكان انبلاج المقاومة الفلسطينيّة وحركات التّحرّر الوطنيّ في ستينيات القرن الماضي هو أوّل محاولة مهمّة للفلسطينيين لكسر حاجز الصّمت الّذي طوّق تاريخهم وإنسانيّتهم ​​منذ طردهم في آن واحد من أراضيهم عام 1948 ومن الوعي الغربيّ. ولكن كلّما زاد اقتحام الفلسطينيين المتروكين للسّاحة الدّولية بحدّة وحتّى بعنف من خلال التّصريحات الثّوريّة، أو عن طريق الكفاح المسلّح ضدّ الاستعمار، أو حتّى من خلال أعمال مذهلة مثل اختطاف الطّائرات، إلاّ وزاد الشّعور والإحساس بهم والنّطر إليهم على أنّهم “إرهابيون” مروّعون من قبل مواطنين غربيين جاهلين عموما بحقائق التّاريخ الفلسطينيّ الحديث وغير معتادين على رؤية فلسطينيين وسماعهم.

لئن تلقّى الفلسطينيون تحفيزا ودعما من قبل التّضامن المناهض للاستعمار في العالم الثّالث، الّذي وصل إلى ذروته مع خطاب ياسر عرفات الشّهير في الأمم المتّحدة في عام 1974، واعتمادِ قرار الأمم المتّحدة الّذي أدان الصّهيونية باعتبارها “شكلا من أشكال العنصريّة والتّفريق العنصريّ” في عام 1975، إلاّ أنّهم جوبهوا برفض تعاطف الغرب معهم بشكل قاطع. لقد واصل العالم الغربيّ القويّ والغنيّ والمهيمن عسكريّا دعمه الحازم لإسرائيل، وتجاهل عنصريّتها الصّارخة ضدّ مواطنيها الفلسطينيين وأخذ على عاتقه استمرار سلطتها العسكريّة على ملايين الفلسطينيين في الضّفّة الغربيّة والقدس الشرقية وقطاع غزّة كأمر مسلّم به. والمفارقة الّتي يعاني منها الفلسطينيين هي إمّا أن يُنظر إليهم على أنّهم “إرهابيّون” إذا قاموا بإزعاج الدّولة الّتي تضطهدهم، أو يتمّ إرهابهم إذا لم يفعلوا ذلك.

وجاءت شيطنة المقاومة الفلسطينيّة باعتبارها إرهابا شيطانيّا لتُضاف إلى سلسلة طويلة وقديمة من التّمثيلات الاستعماريّة والعنصريّة لثورات السّكّان الأصليين والعبيد في آسيا وإفريقيا والأمريكتين. لقد تعرّضت كلّ حركة من الحركات العظيمة للإنسانيّة المضطهَدة لقمع شديد وبلا رحمة على أيدي المستعمرين، بدءا من ثورة العبيد في هايتي في تسعينيات القرن الثّامن عشر، مرورا بثورة نات تورنر Nat Turner في فرجينيا وسحق سيوكس Sioux في نهاية القرن التّاسع عشر. وفي القرن العشرين، صُوِّرت الانتفاضاتُ السّورية والفلسطينيّة المناهضة للاستعمار في ثلاثينيات القرن العشرين، ومجموعةٌ من الثّورات اللاّحقة المناهضة للاستعمار، من الجزائر إلى فيتنام، على أنّها شرّيرة وغير عقلانيّة وشيطانيّة ووحشيّة بشكل صادم.

ومع ذلك، كان على الفلسطينيين أن يواجهوا عبئا إضافيّا، لأنّهم يتعرّضون للاضطهاد من قبل النّموذج الأصليّ للضّحيّة في الوعي الغربي الأوروبيّ الحديث. فكونهم “ضحايا الضّحايا“، كما قال إدوارد سعيد، يجعل نضال الفلسطينيّين المناهض للاستعمار شبه سيزيفيّ. وإذ تُنتَزَعُ مقاومتهم ضدّ الدّولة اليهوديّة عن سياقها وعن التّاريخ، فإنّه يُنظَر إليها أيضا على أنّها انبعاث رهيب لماضٍ شيطانيّ مُعادٍ للسّاميّة.

رؤية كهذه، تحوّل عمل الفلسطينيّين، المنخرط في تاريخهم وواقعهم المعيش، إلى عالم البنية السّرديّة الأوروبّيّة المتمركزة على الذّات المألوفة لدى الجماهير الغربيّة، الّتي يكون فيها النّازيون، والضّحايا اليهود الأبرياء، ومنقذوهم الأميركيون وحلفاؤهم، هم الجهات الفاعلة الوحيدة الّتي تستدعي الاهتمام. وهذا ما يسمح لليهود الصّهاينة المبجَّلين بادّعاء أنّهم الضّحايا الحقيقيّون، حتّى في الوقت الّذي يُذبح فيه الفلسطينيون اليوم أمام العالم أجمع. لقد جسّد المؤرّخ الإسرائيليّ بيني موريس Benny Morris هذا الشّكل المخيف من النّرجسيّة في مقابلة سيّئة الصّيت نشرت عام 2004 في صحيفة هآرتس الإسرائيليّة، حين أصرّ على القول: “نحن أعظم الضّحايا في التّاريخ، ونحن أيضا أكبر ضحيّة محتمَلة. وحتّى لو اضطهدنا الفلسطينيين، فنحن الأضعف”.

لا يرى أنصار إسرائيل في الغرب أنّ الفلسطينيين يقاومون دولة استيطانيّة أُقيمت قسرا على أرضهم، ودمّرت حياتهم، وعاملتهم وعائلاتهم بوحشيّة، وحاصرتهم، ونفتهم، وضايقتهم، وأرهبتهم، وأذلّتهم، وسجنتهم، وقتلتهم طوال عقود من الزّمن، كلّ ذلك في ظلّ الإفلات التّام من العقاب. بل إنّهم يعتقدون أنّ الفلسطينيين يقتلون الإسرائيليين لمجرّد أنّهم يكرهون اليهود. فوفقا لمناصرة الصّهيونيّة، فإنّ “دعم” دولة إسرائيل الاستيطانيّة لا يعني كراهيّة الفلسطينيين، بل حبّ اليهود؛ أمّا دعم المقاومة والتّحرّر الفلسطينيّين فهو لا يعني فقط في الواقع عدم حبّ الفلسطينيين والبشريّة والعدالة والحرّيّة، ولكن أيضا كراهيّةَ لليهود، بل والأسوأ من ذلك، الرّغبةَ في إبادتهم من جديد.

***

في الوقت الّذي تواصل فيه إسرائيل أعمالها الدّمويّة والإبادة الجماعيّة ضدّ الشّعب الفلسطينيّ، أصبح دعم الحكومات الغربيّة الكامل لإسرائيل مثيرا للدّهشة من جرّاء شغفها السّطحيّ بدولة يهوديّة وعدم اكتراثها بنوعيّة الوجود الفلسطينيّ. إنّ غضبها المنفلت ضدّ كلّ أعمال التّضامن مع الفلسطينيّين في جميع أنحاء الغرب هو بمثابة مطاردةِ ساحرات العصر الحديث، وهو فورة من الاتّهامات الكاذبة بمعاداة السّاميّة والّتي تستمرّ في إنكار تاريخ الفلسطينيّين وتجربتهم الحيّة وإنسانيّتهم. ومع ذلك، فإنّ محنة غزّة تكشف أدلّة دامغة على الفشل الأخلاقيّ والسّياسيّ للصّهيونيّة الاستعماريّة على الأرض في فلسطين. كما أنّها تسلّط الضّوء على انعدام الشّرف لدى العديد من مؤيّديها في الغرب. وخلافا للعواقب الأولى لحُبّ الصّهيونيّة في الغرب، تلك العواقب الّتي تتنصّل من الفلسطينيين وتتظاهر بعدم رؤية مصائبهم، فإنّ أجساد الفلسطينيين المشوَّهة والمكسورة والمرعوبة والمصدومة موجودة اليوم على مرأى من العالم أجمع ومسمعه.

[1] يمكن الاطّلاع على النّصّ الفرنسيّ على الرّابط التّالي

Entre Israël et l’Occident, le déni potentiellement génocidaire de la Palestine

[2] أسامة مقدسي، أكاديمي فلسطينيّ أمريكيّ، أستاذ التّاريخ في جامعة بيركلي في كاليفورنيا ومؤلّف عدة أعمال منها Age of Coexistence: The Ecumenical Frame and the Making of the Modern Arab World (مطبعة جامعة كاليفورنيا، 2019).

[3] إيمي سيزير، خطاب حول الاستعمار، الحضور الأفريقيّ Discours sur le colonialisme, Présence Africaine، باريس، ص14.

spot_imgspot_img