
الشاعر: هادي دانيال
كان داروِن مُخطِئاً؟
رُبّما.
ذلكَ أنّ الصِّلَةَ المَفْقُودَةَ
بينَ الغوريلّا ونبيّ الغابة الأولى
قد بانت الآنَ على يمينِ قاسيونْ
الأحمق المأبونْ
صَوَّرَهُ “سبهانُ آدَمْ”
“مَمْدوح ُعَدوانُ” رأى حَيْوَنَتَهْ
وأنا سَرَدْتُ على مَدى عَقْدٍ حكايتَهْ
في ألْفِ صفْحةٍ حَرونْ
صرّحَ “فيروللو”:
إنّ سوريّا (التي تُذْبَحُ في مَعْبَدِ أمريكا)
وطنٌ أمٌّ لكُلِّ عابِرٍ
مِن بَرِّ شكّهِ
إلى شواطئِ اليقينْ
شجرةُ البحرِ التي في ظلّها أيْنَعَتِ الحسناءُ “أوغاريتْ”
قَدْ لَقّنَتْ أجدادَكم أن ينطقوا الكَلِمةَ:
“في البدْءِ كانَ الكَلِمَه”
أن ينقشوا أحرُفَها التي عصَتْ ممحاةَ زلزالِ الزمانْ
قَبْلَ أن يستقبِلَ المَرْعى الحِجازيُّ رَسُولا
قبْل أن ينشَق لَيْلُ الغَرْبِ عن أضواءِ مَعْلولا بآلافِ السنينْ
كانَ يقارُ بْنُ يَقَم اد
أبْدَعَها قصْراً ملوكيّاً بمكتبةٍ وموسيقى،
مَلْحَمَةً صِيغَتْ بأبجديّهْ
بطُلُها أقهاتُ بن دانيالْ
صريعُ قَسوَةِ الجمالْ،
آنِيةُ جَمالُها ألهَمَ هوميروسْ،
ميناؤها تلاصَقَتْ سُفُنُهُ الملأى بقمحها والخمْر والزيتونْ
سالَمهَا الهكسوسْ
والآن أحفادُ الذين سالَمُوا
على حِرابِهم دَمُ القُرى والمُدُنِ البحريّهْ
تلكَ البلادُ الخصْبَةُ العريقةُ السخيّهْ
في لحظةِ التصحُّرِ العظيمِ ظَهَرَتْ جُذورُها عاريةً
كَم حاولَ اليخضورُ عبثاً إنقاذَها
من شَبَقِ النّكْرانْ
سُفُنُها ضاقتْ على أبنائها
شَبّتْ بِها النيرانْ
كانت وُجُوداً قائماً بِذاتِه
فاحْتَجَّ ربُّ الأرْضِ غاضِبا
مِن بيتِهِ الأبيَضَ حتّى الحَجَر الأسْوَدْ
(كانوا صهاينةً خُلاسيّينَ، غربيّينَ أتْراكاً وعَرَبا)
لَم تَنْحَنِ،
فانكسَرَتْ
لم أسألْ اللهَ بِها رأفةَ مُقْتَدِرْ
لكنني سألتُه:
إنْ كانَ مِن رُسُلِهِ “القضاءُ والقَدَرْ”؟
وَأنّهُ كالنِّيلِ يطلبُ الأضحيةَ
وأنّ دِينَه مصباحُ عصرنا (فتيلُهُ مِن لَحْمِنا
وزَيْتُهُ مِن دَمِنا)
إنْ كانَ مِن عليائهِ يَرى
كيفَ استُبيحَت القُرى
وكيف باسمهِ نُقْتَلُ بَعْدَ أن نُهانْ؟
لَمْ يُجِبْ بَعْدُ
الشمسُ تُشْرِقُ لا مُباليةً
وتغربُ، خًلْفَها تعْدُو
ذئابُ الليلِ بينَ نُيوبِها مِزَقُ القَمَرْ
والغيمُ يعبرُ ساخِراً
بَرْقٌ ينوسُ وراءَهُ
ويئنُّ حِذْوَ البَرْقِ رَعْدُ
وأنا على عينِ المكانْ
سيزيفُ يُغريني بصخرتِهِ
و “غودو” جاءني
يرنو إليَّ (إلى يَدَيَّ)
ويَنتَظِرْ!.
*تونس، المنار2، مساء الأربعاء 9أفريل/نيسان2025.