ترجمة المنتصر الحملي
دعونا ننطلق مجدّدا من ماركس.1 لماذا؟ هل لأنّنا شيوعيون؟ كلاّ، إنّ هذه الإجابة غير مقنعة. يمكن الانطلاق مجدّدا من مكان آخر، من لينين مثلا، أو من ماو، أو يمكن للمرء أيضا أن يعتقد أنّ النّضالات النّسوية أو المناهضة للعنصريّة الحاليّة لا تحتاج إلى ماركس؛ بل يمكن للمرء حتّى أن يتصوّر أنّ مركزيّة ماركس الأوروبّية تجعل منه عدوّا. إن كتابة أعذار لكارل ماركس ليس هو ما أودّ القيام به هنا. فهذا ليس من عادتي. لقد كرهت منذ فترة طويلة الماركسيين الرّسميين وأيّ دعوة لقراءة ماركس بطريقة تحوّله إلى منظومة مغلقة، بل جدّ مغلقة لدرجة أنّه من أجل إبرازه في صورته المثاليّة، يجب على المرء أن ينخرط في صراع داخليّ سخيف مع شيوعيين آخرين. بدلا من ذلك، أودّ هنا ببساطة أن أوضّح لماذا، حسب رأيي، لا يمكننا الاستغناء عن ماركس – إذا كنّا شيوعيين – ولماذا يمكن أن يكون ماركس في الواقع وسيلة رائعة لتعزيز الشّيوعيّة. إنّ الشّيوعيّة تتمسّك بالاعتقاد بأنّ هذا العالم لا يُطاق لأنّه يرغمنا على العمل لزيادة سلطة السّيّد وثروته، وتبرز لنا أنّ تناقضات المصادرة الرّأسماليّة لا يمكن «حلّها» أبدا، وتؤدّي في النّهاية إلى الحرب وتدمير البيئة وبؤس العمّال. ولكنّ هذا يدعم أيضا القناعة بأنّه من الممكن تغيير هذا العالم، وتحرير إنتاجيّة العمّال من عبوديّة العمل، وإنشاء مؤسّسات مشتركة للحرّيّة والسّلام والرّفاه.
لنبدأ بحجّة لماذا وكيف ننطلق مجدّدا من ماركس. أوّلا، يجب أن يتمّ ذلك لأنّ الكثير من النّاس الّذين كانوا يدّعون أنّهم ماركسيون قد أعلنوا توبتهم، ويعلنون الآن وهم يديرون ظهورهم أنّ الماركسية قد أصبحت في خبر كان. لقد هُزِمت الثّورة الرّوسيّة بطبيعة الحال وتعاني الاشتراكيّة الدّيمقراطيّة اليوم سكرات الموت؛ ولكنّ المشاكل الّتي دفعت ماركس إلى بناء منظور شيوعيّ ما تزال قائمة أمام أعيننا، بل وتفاقمت من جرّاء السّياسات النّيوليبراليّة الشّائنة والنّفاق البرجوازيّ. وعلى هذا النّحو، فإنّ تعاليم ماركس ومحاورة ماركس لا تزال تبدو ضروريّة بالنّسبة إليّ لثلاثة أسباب.
السّبب الأوّل سياسيّ. فمادّيّة ماركس تساعدنا على تبديد الغموض الّذي يكتنف جميع المفاهيم التّقدّميّة والتّوافقيّة للتّطوّر الرّأسماليّ، وعلى التّأكيد في مواجهتها على طابعها التّناقضيّ. إنّ رأس المال يخلق علاقة اجتماعيّة تناقضيّة. هناك سياسة تخريبيّة تقع ضمن هذه العلاقة، وتشمل البروليتاريا والمناضل والفيلسوف بنفس القدر. إنّ ساحة المعركة Kampfplatz هي «داخل وضدّ» رأس المال. هذا «الدّاخل والضّدّ» يعني أنّنا داخل علاقة قوّة، علاقة غير متكافئة وغير قابلة للاختزال بين قوّتين: رأس المال من جهة وقوّة العمل من جهة أخرى؛ ولهذا السّبب، لا يتمّ تعريف رأس المال بوصفه موضوعا للدّراسة فحسب، بل أيضا بوصفه عدوّا يواجهنا. تتطلّب قراءة سياسيّة ما لرأس المال أن يتمّ التّعبير عن البحث والمعرفة باعتبارهما «وجهة نظر» طبقيّة، باعتبارهما المعرفة والسّلطة من منظور طبقيّ، وبالتّالي أن يتمّ تأكيد الطّبقة بوصفها ذاتا.
العديد من الرّفاق مصدومون بحقّ من آثار الاستغلال الرّهيبة. فعلى مدار الأزمة الّتي نمرّ بها منذ عام 2007، شهدنا تدهورا مهولا في ظروف إعادة إنتاج الحياة، تدهورا وتقليصا مهولين في «العمل الضّروريّ»، حتّى أصبح معقولا الاحتجاجُ على المعاناة والبؤس المفروضين على البروليتاريا والطّبقة العاملة. إنّ هذا الاحتجاج أو الإدانة ليس هو ما نرفضه بكلّ تأكيد. ولكن، في ظلّ هذه الظّروف، سيكون من السّهل أن ننسى تعاليم ماركس بأنّ العامل قويّ دائما. فمن دون نشاط العامل ليس هناك إنتاج للقيمة. إنّ وجود الرّأسمالية مشروط بقوّة العمّال الإنتاجيّة. لا أقول هذا لأنكر معاناة العمل واللاّ عمل، بل لأؤكّد على القوّة المتمثّلة في البروليتاريا، حتّى في أسوأ ظروف استغلالها. إنّ الحكايات الّتي تُروى عن العامل الّذي تحوّل إلى «وجود يائس» هي حكايات قاتمة؛ ومع ذلك، فإنّ كلّ تحقيق، وكلّ لحظة مشاركة في الحياة العمّاليّة، وكلّ نضال، يقدّم الصّورة المعاكسة: صورة عن المقاومة والصّراع والحقد على العدوّ. إنّ إثبات الطّبقة بوصفها ذاتا، إنّ بناءها ضمن سيرورة تذويت subjectivation، هو أوّل وأهمّ إسهام من مساهمات ماركس، لكلّ من يعي الاستغلال ويكون مستعدّا لمحاربته.
نحن نعيش في ظلّ الطّغيان الرّأسماليّ كما يتجلّى في المصنع وفي المجتمع على حدّ سواء، ولكنّ رأس المال لا يستطيع القضاء على القيمة الاستعماليّة لعمل العمّال، لقوّة العمل – ويستعصي عليه ذلك أكثر فأكثر مع تزايد الطّابع الاجتماعيّ لقوّة العمل الإنتاجيّة. ومن هنا، فإنّ العلاقة الرّأسماليّة تخضع دائما لهذا التّناقض الّذي يمكن أن ينفجر في أيّ لحظة، والّذي نواجهه كلّ يوم، بطريقة عاديّة ولكن فعّالة، في مسألة الأجور. بمجرّد تحديد عمليّة شراء قوّة العمل في السّوق الرّأسماليّة، يصبح من الواضح على الفور أنّه لا يوجد تبادل متساو: أنّ التّبادل تناقضيّ. جميعنا نعلم اللّحظة التّاريخيّة الّتي كُتب فيها المجلّد الأول من «رأس المال» حيث يصف ماركس الانتقال من فائض القيمة المطلق la plus-value absolue إلى فائض القيمة النّسبيّ la plus-value relative ويحلّل تشكّل فائض القيمة على نطاق صناعيّ واسع. هذا التّحول تخلّلته نضالات عمّاليّة حول «يوم العمل» وأدّى إلى ظهور تناقض حقيقيّ: «حقّ مقابل حقّ». وكما استنتج ماركس، فإنّ «بين الحقوق المتساوية، القوّة هي الّتي تقرّر»2، وهذه هي السّياسة الطّبقيّة. وقد قال بعبارات أقوى وأكثر دقّة في نقده للاقتصاد السّياسيّ:
(مع الانقسام بين فائض القيمة والأجور، الّذي يعتمد عليه تحديد معدّل الرّبح بشكل أساسيّ، يتدخّل عنصران مختلفان تماما، هما قوّة العمل ورأس المال. إنّ وظائف متغيّرين مستقلّين هي الّتي تضع حدودا لبعضهما البعض، وينبثق التّقسيم الكمّي للقيمة المنتجة من الفرق النّوعيّ بينهما.3)
ومن خلال رؤية الأجر باعتباره «متغيّرا مستقلاّ» ضمن العلاقة الرّأسماليّة، تعلّمتُ ممارسة السّياسة، مثل كثيرين آخرين أيضا. إنّ اكتشاف هذه الضّدّيّة الثّابتة على نحو متزايد والأقل طواعيّة، هذا التّناقض دون مصالحة والّذي يمكن مع ذلك تفعيله من وجهة نظر قوّة العمل ككلّ، من وجهة نظر الطّبقة العاملة، كان هو الّذي يمثل الأداة الضّروريّة لإجراء البحث السّياسيّ، أو بالأحرى البحث المشترك مع المستغَلّين، القادر على التّفرّع من مسائل تنظيم النّضالات في المصنع إلى النّضالات في المجتمع بشكل عامّ، ومن أهداف المطالبة بالأجور إلى النّضال من أجل الرّفاهية، ومن الاحتجاجات ضدّ تقييد الحرّيات المفروض على نضالات العمّال إلى الثورة في ظروف إعادة الإنتاج وحرّية الحياة… لم تكن هناك قوانين موضوعيّة ينبغي الالتزام بها، ولكن كان لا بدّ من تطوير ذاك المتغيّر المستقلّ (المادّيّ والسّياسيّ على حدّ سواء) الّذي تمّ تحديده من خلال عمليّة تذويت النّضال الثّوريّ: من خلال مشاريع تأسيسيّة يجب تحقيقها دائما في سياق تحرير العمل والتّحرّر منه، والّتي تشكّل في حد ذاتها المجتمع والتاريخ.
السّبب الثاني الّذي يجعلنا لا نستطيع التّخلّي عن ماركس هو النّقد. يواصل ماركس نقده للرّأسماليّة في أنطولوجيا تاريخيّة يتمّ تفسيرها وتجديدها دائما من خلال الصّراع الطبقي. يأخذ النّقد وجهة نظر الطّبقة العاملة المضطهَدة ويحرّكها. ومن ثمّ، فإنّ المنظور النّقديّ ضروريّ بوصفه تحليلا للعلاقة بين رأس المال وقوّة العمل/الطّبقة العاملة في تحرّكها. إنّه يجعل من الممكن تتبّع الدّورة الرّأسماليّة وفهم تطوّرها وأزمتها، لمساعدتنا على فهم تحوّلات رأس المال والطّبقة العاملة، ووصف، في ظروف زمانيّة ومكانيّة فريدة، «التّكوين التّقنيّ» للعلاقة الاستغلاليّة للطّبقة العاملة المضطهَدة، ومساعدتنا، في نهاية المطاف، على تنظيم «تكوينها السّياسيّ» من منظور المقاومة والثّورة. إنّ استقلالية وجهة نظر الطّبقة العاملة وتحوّلاتها هي مركز النقد. يطرح النّقد وجهة نظر الطّبقة بوصفها حركة.
في هذه المرحلة، أودّ أن أحدّثكم عن «زمن آخر» عندما قرّرنا «الانطلاق من جديد مع ماركس». في السّتينيات والسّبعينيات [في إيطاليا]، في مواجهة انتهازيّة الاتّحادات النّقابيّة والانحطاط العقائديّ للفكر الشّيوعيّ للاتّحاد السّوفييتيّ والأمميّة، بدأنا نهاجم، من وجهة نظر الطّبقة العاملة، حصر العامل نقابيّا تحت قيادة النّقابة في المصنع. لقد أدركنا بالفعل أثناء قراءتنا «رأس المال» و»الغروندريسه» أنّ عمل الطّبقة العاملة كان مزدوجا، ويتألّف من نشاطين، أحدهما يتعارض مع الآخر: الأوّل هو قوّة العمل المستغَلّة (باعتبارها رأس مال متغيّر) والثّاني هو العمل الحيّ الذي يخلق القيمة. فمن أجل تحرير العمل من الاستغلال، كان من الضروريّ بدء النّضال في المصنع ضدّ النّظام القمعيّ الّذي فرضه السّيّد وأضفت الاشتراكيّة الدّيمقراطيّة الشّرعيّة عليه. ومن هنا، كان لا بدّ من ظهور شكل بناء للمقاومة داخل العلاقات الصّناعية، وفي ظروف العمل المباشرة. كنّا نمقت الأعذار للمعاناة والتّراحم الّذي يحثّ على التّضامن، مجرّد التضامن، فعلى الرّغم من أنّنا كنّا فقراء أيضا، إلاّ أنّنا أردنا أن نجعل من ثروة العامل، من فائض العمل المنتج، مرئيّا. لقد كان هذا اكتشافا للعمل الحيّ بوصفه قوّة، وسلطة، وذاتيّة، بوصفه الفرصة الوحيدة لكلّ من الإنتاجيّة والثّورة. وقد سمح لنا هذا الاكتشاف بوضع الأسس لانتفاضة عمّاليّة وتنفيذ بداياتها. وفي وقت لاحق، عندما كانت سياسات العلاقات الصّناعيّة الجديدة في السّبعينيات تهدف إلى إفراغ المواقع الصّناعية وتدميرها واستبدال الطّبقة العاملة، وبناء مناطق صناعيّة تعتمد على العمل العائليّ والظّروف شبه الاستعباديّة لاستغلال الهجرة، واجهنا عمليّة مشابهة لـ»تراكم بدائيّ» آخر، على حدّ تعبير ماركس. كان هذا الانتقال من الإدراج الرّسميّ إلى الإخضاع الحقيقيّ للمجتمع تحت رأس المال هو الّذي دفعنا إلى البدء في توسيع مفهومنا عن الطّبقة العاملة. ومرّة أخرى، كان هذا يتمّ دائما وفقا لمصطلحات ماركس، لأنّ مفهوم «الطبقة» وحده هو الّذي يمكن أن يمثّل نقطة القطيعة، حيث جرى التّثمين الرّأسماليّ. وكان من الضّروري تحديد مكانها ومداها، وزمانيتها وكثافتها. والآن، عندما أصبح الاستغلال اجتماعيّا وامتدّ إلى الخدمات وإعادة إنتاج الحياة وتداول السّلع، حيث لم يعد استخراج فائض القيمة يحدث في المصنع فحسب، بل امتدّ إلى المجتمع بأكمله، كان لا بدّ من توسيع مفهوم الطّبقة العاملة. وهكذا أنشأنا مفهوم «العامل الاجتماعيّ socialised worker».
مع هذا المفهوم، اعترضنا أيضا بشكل مباشر على حدود المفهوم التّقليديّ للطّبقة العاملة من حيث العرق والجندر (النوع الاجتماعيّ). وبدأ الرّفاق المنتمون إلى المجموعات الّتي كنت مناضلا فيها، ضمن حركة « Potere Operaio سلطة العمّال» أولى الحملات للمطالبة بأجر منفصل عن العمل في المصنع. كانت المسألة تتعلّق بأكثر من مجرّد جدل بسيط ضدّ فكرة «مركزيّة المصنع» المتعلّقة بطريقة أداء قانون قوّة العمل: فقد تصدّينا لعلاقة الإنتاج وإعادة الإنتاج كما فهمتها الدّوغمائيّة الماركسيّة تقليديّا. كانت هذه العلاقة بحاجة إلى الإصلاح إذا أريد لها أن تعمل. وبمجرّد تجديدها، انفتحت على وجهات نظر الصّراعات الاجتماعيّة الأوسع حول الرّعاية الاجتماعيّة، وبشكل أكثر مباشرة، عندما يتعلّق الأمر بالنّساء، شملت، في السّتينيات البعيدة، قضيّة الإجهاض والصّحّة وتعليم الأطفال.
وينطبق الشّيء نفسه على عمالة المهاجرين: سواء المهاجرين المحلّيين أو أولئك الّذين اختزنوا استغلال العمالة الصّناعية أو الزّراعية أو المنزليّة في مغامرة الهجرات القارّيّة. لقد قمنا بالتّنظير والدّفاع، من خلال «الحق في الهروب» من الفقر، عن النّضالات من أجل المساواة في الأجر بين العمّال المحلّيين والمهاجرين، والنّضالات من أجل إلغاء الفوارق في الأجور بين شمال إيطاليا وجنوبها؛ وتحرّكنا على مسالك (الّتي أصبحت فيما بعد طرقًا سريعة) الهجرات الأوروبّيّة. ومن خلال تطوير مفهوم العامل الاجتماعيّ على هذا النّحو، شعرنا بخطر رؤية مفهوم جديد للطّبقة العاملة يتحوّل إلى مجرّد «حاوية» لهويّات مختلفة، وخطر تحويل تجديد مفهوم الطّبقة العاملة إلى جسم يمكن أن يكون مجرّد تجميع للاختلافات الّتي يتمّ تحديدها وجوديّا مسبقا. لكنّنا سرعان ما تغلّبنا على هذا الخطر. في الواقع، لم نكن بحاجة إلى أجسام [جديدة] لتحلّ محلّ الطّبقة العاملة، هذا المفهوم الّذي، على الرّغم من أنّه ينطوي على اختلافات، ظلّ كما هو. إنّ أشكال النّضالات الّتي خاضها «العامل الاجتماعيّ» وأهدافها أظهرت على العكس من ذلك أنّ تحوّل المفهوم لم يكن غامضا ولا مصطنعا. فنحن كنّا ننتقل من النّضال حول الأجور إلى النّضال حول الدّخل، ومن إضرابات المصانع إلى الإضرابات الاجتماعيّة، إلى المناطق، وما إلى ذلك. وأصبحت أهداف الرّعاية الاجتماعيّة أكثر أهمّيّة باعتبارها الأرضيّة الّتي ستُتَرجَم عليها الأجور والحرب الطّبقية معًا. في تلك الفترة، بين السّتينيات والسّبعينيات، تجددت الحرب الطّبقيّة وتجلّت في المشاركة النّشطة للطّبقات الأخرى، علاوة على العمال، المشاركة في الخدمات وإعادة الإنتاج. في إيطاليا، قضى القمع العنيف على فرصة هذا التّحوّل من العامل الجماهيري إلى العامل الاجتماعيّ في أن يتّخذ شكلا تنظيميّا. ولكن في فرنسا، تخلّلت تلك الفترة، كما هي العادة هناك، حلقات كبرى من التّعبئة والنّضال: 1986 في المدارس؛ 1990 في المستشفيات بواسطة الممرّضات. 1995، عمال السّكك الحديديّة، وما إلى ذلك. كان هناك أيضا تحوّل واضح في «أشكال» النّضال بأن انتقلت من المصانع إلى الميادين وأعطت الحركات الاجتماعيّة زخما قويّا.
السّبب الثّالث للبقاء مع ماركس، والبدء من جديد في التّخطيط للنّضالات من أجل الوقت الحاضر، هو أنّ مساهمته النّظريّة تجعل من الممكن، كما فعلت ذلك خلال القرن المنصرم، متابعة تعميق أزمة الرّأسمالية النّاضجة وشكلها المزدوج، اللّيبرالي والاشتراكيّ معًا. إنّها تجعل من الممكن تتبّع ظهور معارضة طبقيّة كافية وتنظيم حركات التّحرّر ضدّ السّلطة الاستعماريّة والإمبرياليّة. وبفضل نظريّة ماركس، نحن في وضع أفضل لبناء جسر بين الماضي والمستقبل. دعونا نستخدم مثالا توضيحيّا على ذلك أيضا، أو الأفضل من ذلك، اسمحوا لي بأن أقدّم لكم دافعين لهذا. الأوّل هو تفسير للمجلد الثّاني من كتاب رأس المال، حيث يقدّم ماركس، من خلال التّحليل النّقديّ لتداول السّلع وإضفاء الطّابع الاجتماعيّ على استغلال العمل، تصوّرا استباقيّا لمفهوم المشترك. لأمّا الدّافع الثاني فهو مناقشة بعض الأمثلة على التّطوّرات المبكّرة في النّضالات من أجل المشترك.
فلنبدأ بالمجلّد الثّاني من «رأس المال». يطوّر ماركس هنا تحليلا لشروط «الإخضاع الحقيقيّ» للمجتمع في ظلّ رأس المال، موضّحا كيف يمكن لرأس المال أن يُخضع العمل الاجتماعيّ ليس فقط «شكليّا» (في سلسلة البنى الّتي تحافظ على خصوصيتها الفرديّة) ولكن أيضا «فعليّا» (بالتّعاون مع العديد من البنى الفرديّة الّتي أصبحت غير قادرة على إعادة إنتاج نفسها بشكل منفصل). والآن، على افتراض أنّ المجتمع قد تمّ إخضاعه «فعليّا» لرأس المال ــ بشكل كامل وبطريقة لا تغيّر شكله الخارجيّ فحسب، بل تغيّر أيضا أشكال إنتاج المجتمع وإعادة إنتاجه لنفسه ــ فإنّ هذه التحولات لا يمكن فهمها على أنّها أشكال من «الصّنميّة fetishism»، كما لو كانت خارجيّة فقط وآلية ولا معنى لها. يجب علينا أن نعتبر خضوع المجتمع لرأس المال أمرا حقيقيّا – يجب أن نفترض أنّ رأس المال يعمل على المستوى الاجتماعيّ، وعلى هذا المستوى يجب أن نحدّد أشكال إنتاج القيمة، والابتزاز، واستخراج فائض القيمة؛ وعلى هذا المستوى، وعلى هذه الأرضيّة، يجب علينا أن نفهم أنماط نضالات قوّة العمل ضدّ رأس المال.
اعذروني على هذا التّحذلق بعض الشّيء، ولكن من أجل تأكيد تأكيد واقع الإخضاع، يستعيد ماركس نظريّات الدّورة الاقتصاديّة في المجلّد الثاني من «رأس المال»، كي يوضّح – كما تفعل الصّيغ الدّورية – الطّابع الاجتماعيّ لسيرورة الإنتاج الرأسماليّ. ففي الصّيغة C’-C’ (الّتي هي صيغة الاستهلاك الاجتماعيّ الفرديّ والجماعيّ)، يلاحظ ماركس أنّه في ظلّ الإخضاع الفعليّ، «لا يكون التّحوّل نتيجة تغيير شكليّ بسيط في الموقع الّذي ينتمي إلى سيرورة التّداول، بل هو بالأحرى التّحوّل الفعليّ الّذي خضع له شكل الاستخدام وقيمة المكوّنات السّلعيّة لرأس المال الإنتاجيّ في عمليّة الإنتاج «.4 وحول هذه النّقطة نفسها، يصرّ ماركس على حقيقة أنّ تكوين رأس المال الاجتماعيّ الكلّيّ يمثّل «ثورة في القيمة» حقيقيّة، وأنّ نتيجة هذه الحركة تؤثّر على الأجزاء المكوّنة لقيمة المنتَج الاجتماعيّ سواء من حيث التّبادل أو من حيث الاستخدام. «أولئك الذين يعتبرون استقلاليّة القيمة [Verselbststiindigung] تجريدا بسيطا ينسون أنّ حركة رأس المال الصّناعيّ هي هذا التّجريد في العمل.»5 – حيث يعني ماركس بالتّجريد قدرة رأس المال الاجتماعيّ على إعادة تكوين كلّ ثورة في القيمة، وكلّ تحوّل من تحوّلاتها العنيفة، بل وأكثر من ذلك، كلّ محاولات جزء أو بعض من رأس المال لجعل نفسه مستقلاّ. هذا التّحوّل ضروريّ للغاية ليمكّن تحليله لرأس المال من إرجاع العلاقة بين التّداول والإنتاج إلى مصفوفة التّثمين التي يدّعيها ماركس:
(إنّ الطّريقة الّتي تحلّ بها المكوّنات المختلفة لرأس المال الاجتماعيّ الكلّيّ، والّتي لا تشكّل رؤوس الأموال الفرديّة سوى مكوّنات تعمل بشكل مستقلّ، محلّ بعضها البعض بالتّناوب في عملية التّداول – سواء فيما يتعلّق برأس المال أو فائض القيمة – هي بالتّالي ليست نتيجة للتّشابك البسيط للتّحوّلات الّتي تحدث في تداول السّلع والّتي تشترك فيها أعمال تداول رأس المال مع جميع العمليّات الأخرى لتداول السّلع، ولكنّها تتطلّب بالأحرى أسلوبا مختلفا للبحث.6)
هذا يعني أنّه يجب أن ننظر إلى التّصنيفات التّحليليّة ليس في نشأتها ولكن بوصفها ناجمة عن التّناقض في الكلّيّة الاجتماعيّة. فقط في هذه المرحلة تصبح النّظريّة سلاحا للصّراع الطّبقيّ. ما يترتّب على ذلك مباشرة هو أنّ رأس المال الاجتماعيّ لم يعد من الممكن اعتباره نتيجة لعملية «المنافسة» الّتي من شأنها أن تحدّده، كما لو أنّ القوانين الّتي تدعمه نتجت عن الحرب الّتي يشنّها أصحاب المشاريع الصّغيرة ضدّ بعضهم البعض – كلاّ، في الواقع: إنّ القوانين التي تحكم رأس المال الاجتماعيّ الكلّيّ هي فقط تلك التي تنبثق من العداء، من الصّراع الطّبقيّ. إنّ التّحوّل من «الإخضاع الشّكلي» إلى «الإخضاع الفعليّ» لمجتمع الرّأسمالي الجماعيّ يستتبع، كنتيجة أولى وجوهريّة، أن يمتدّ «الطّغيان» الرّأسماليّ على الطّبقة العاملة في المصنع إلى المجتمع بأسره، ويقضي على نلك «الفوضى» الّتي بدت في البداية مهيمنة على لعبة السّوق.
ويترتّب على ذلك أنّ قوّة العمل الاجتماعيّ الدّاخليّة لهذا التّحوّل تقدّم نفسها على انّها تجريد يمتدّ على كامل عالَم الإخضاع، أي على المجتمع بأسره. تتمثّل نظريّتنا في أنّ هناك «مشتركًا» يحارب، في إطار رسملة التّثمين الاجتماعيّ، ضدّ أيّ قفص قد يكون مستعدّا مسبقا لحبسه. لماذا نعتبر هذا التّجريد قوّة مشتركة؟ لأنّه يتحقق ويتجسّد من خلال تعاون العمّال في العمليّة الإنتاجيّة، وهو تعاون يصبح أكثر اتّساعا وكثافة مع مضيّ التّطور الإنتاجيّ لرأس المال قدما.
يصبح أكثر اتّساعا لأنّ الرّدّ الرّأسماليّ على نضالات السّتّينيات والسّبعينيات، كما رأينا، كان يتمثل في نقل المصنع، أو إفراغه من عمّاله عندما كان يتمّ الإبقاء على المصنع. ومع ذلك، كان نقل المصنع بالنّسبة إلى رأس المال يعني الاستثمار في الخدمات الإنتاجيّة في المجتمع بأسره ووضعها في خدمة إنتاج السّلع. بالنّسبة إلى العمّال، كان التّنقّل المكانيّ ومرونة الوقت شكلين يتمّ فيهما التّعبير عن الاستقلال النّسبيّ للعامل في أشكال جديدة من التّعاون على المستوى المجتمعيّ – دائمًا ما يكون تابعا ولكنّه غالبا ما يكون مستقلاّ عن السّيطرة المباشرة لرأس المال. وقد نجح رأس المال في تقييد هذا الاستقلال من خلال العمل المأجور الهشّ.
وأكثر كثافة لأنّ الرّدّ الرّأسماليّ الثّاني على الدّورة الكبرى من نضالات العمّال كان، بعيدا عن التّوسّع المكانيّ والاجتماعيّ لسيرورة العمل، إدخالا هائلا للأتمتة ورقمنة/حوسبة العمل. وهكذا كان إخضاع مجالات التّعاون الاجتماعيّ مصحوبا بإخضاع – في العقل العامّ – لطاقات فكريّة ولغويّة جديدة (لقوة عمل متعلّمة حديثا). لقد حقّقت إنتاجيّة العمل العامّة قفزة هائلة إلى الأمام، ولكنّها قبل كلّ شيء كثّفت التّعاون الاجتماعيّ بين الذّوات المنتِجة، لأنّ العمل المعرفيّ يزدهر بفضل التّعاون اللّغويّ، وبفضل المعرفة الّتي تجعله ما هو عليه، وبفضل الابتكار الفريد الّذي ينتجه. وهكذا فإنّ استقلال العمل الحيّ ينمو في مواجهة العمل الميّت الّذي يرغب في تنظيمه. وهكذا يفرض الاشتراك التّعاونيّ نفسه.
إنّ هذا التّحول الجذريّ للعمل الحيّ يخلق مشاكل كبيرة لرأس المال في السّيطرة على قوّة العمل. لا يمكن لرأس المال أن ينجح في إخضاع هذا الاستقلال النّسبيّ للعمل الحيّ الاجتماعيّ والمعرفيّ إلاّ عبر الإدارة من الأعلى. وهكذا فإنّ استخراج القيمة الاجتماعيّة من جانب التّمويل عن طريق إدارة صارمة بشكل متزايد لعمليّة العمل الاجتماعيّ يحلّ محلّ الاستغلال المباشر للعمل الفرديّ الّذي كان نموذجيّا لتقنيات الإدارة القديمة، وبالتّالي لم يعد التّمايز التّقليديّ بين مجال الإنتاج «الفعليّ» والإدارة النّقديّة للإنتاج ساريا. وأصبح من المستحيل الآن التّمسّك بهذا التّمايز، ليس فقط على المستوى السّياسيّ، ولكن أيضا على المستوى العمليّ من وجهة نظر داخليّة للعمليّة الاقتصاديّة بشكل عامّ. عند هذا المستوى، تدعم الرّأسماليّة نفسها عن طريق الإيجار. فكبار الصّناعيين، بدلا من إعادة استثمار الأرباح، يقومون بإعادة تدويرها في آليات الإيجار. إنّ الدّورة، أي شريان حياة رأس المال، هي الآن الإيجار؛ فالإيجار يلعب دورا أساسيّا في تداول رأس المال والحفاظ على النّظام الرّأسمالي: فهو يحافظ على التّراتبيّة الاجتماعيّة والسّيطرة على رأس المال.
يصبح المال أيضا المقياس الوحيد للإنتاج الاجتماعيّ. وهكذا نصل إلى تعريف المال على أنّه الشّكل، والدّم، والدّورة الدّاخليّة، حيث يتمّ تعزيز القيمة المنشأة اجتماعيّا في النّظام الاقتصاديّ ككلّ. وهنا نجد تبعيّة المجتمع تبعيّة كاملة لرأس المال. إنّ قوّة العمل، أي نشاط المجتمع، تندرج تحت هذا المال الّذي هو في نفس الوقت قياس ومراقبة وسيطرة. وحتّى الطّبقة السّياسيّة هي جزء داخليّ من هذه العمليّة، والسّياسة ترقص على هذا الحبل المشدود. وبالنّظر إلى هذا الوضع، فمن المنطقيّ أن يحدث التّمزق – أيّ تمزّق – ضمن هذا الإطار. أقول هذا بطريقة استفزازيّة، ولكن ليس فقط هكذا: يجب علينا أن نتخيّل ما سيكون عليه بناء سوفييت، لجلب النّضال، والسّلطة، والتّعدّدية، والمشترك، إلى هذا الواقع الجديد ومنظّمات المال والتّمويل الكليانيّة الجديدة. إنّ الجموع مستغَلّة، ولكنّها مستغَلّة اجتماعيّا، تماما كما كان العامل مستغَلاّ في المصنع. مع مراعاة ما يقتضيه اختلاف الحال، يتمّ تأكيد النّضال من أجل الأجور على المستوى الاجتماعيّ (والماليّ). إنّ رأس المال هو دائما علاقة (بين من يمسكون بالسّلطة والعمّال)، يتمّ من خلالها ترسيخ إخضاع قوّة العمل للمال. ولكن إذا ظلّت العلاقة الرّأسماليّة دون تغيير، فإنّه في داخلها يتحدّد أيّ تمزق.
يمكن تفسير أزمة 2007، الّتي لا تنتهي أبدا، انطلاقا من هذه الفرضيّات. تنشأ الأزمة من الحاجة إلى الحفاظ على النّظام من خلال مضاعفة الأموال (لقد خدمت الرّهون العقاريّة الثّانويّة، مع الآليّة المروّعة الّتي أفضت إليها، غرض النّظام المصرفيّ في عمليّة الاستيلاء على القيادة العالميّة لدفع ثمن إعادة الإنتاج الاجتماعيّ لقوّة العمل المتمرّدة). يجب أن نضع أيدينا على هذا الأمر حتّى ندمّر قدرته على القيادة. ولا يخطئنّ أحدٌ في هذا. فعلى عكس تفسيرات الأزمة الّتي ترى سببها في انفصال التّمويل عن الإنتاج الحقيقيّ، فإنّ قناعتنا هي أنّ «الأَمْوَلَةَ financialisation ليست انحرافا غير منتِج وطفيليّا للحصص المتزايدة من فائض القيمة والمدخّرات الجماعيّة. هذا ليس انحرافا، بل هو شكل جديد من أشكال تراكم رأس المال ضمن عمليّات جديدة للإنتاج الاجتماعيّ والمعرفيّ للقيمة. إنّ الأزمة الماليّة الّتي تنشأ أمام أعيننا يجب تفسيرها على أنّها ردّ على انسداد طريق تراكم رأس المال النّاتج عن العمل الحيّ على المسرح العالميّ؛ وأنّها نتيجة انفجاريّة لتراكم رأس المال، وأنّها الصّعوبة الّتي تواجهها هذه العمليّة في إقامة نظام لأشكالها الجديدة من التّراكم.
فكيف يمكن الخروج من أزمة كهذه؟ لا يكون ذلك إلاّ عبر ثورة اجتماعيّة. واليوم، لا يمكن لأيّ صفقة جديدة إلاّ أن تعني حقوقا جديدة في الملكيّة الاجتماعيّة للخيرات المشتركة ــ وهو الحقّ الّذي يتعارض بوضوح مع الملكيّة الخاصّة. وبعبارة أخرى، إذا كان الوصول إلى «الصّالح العامّ» حتى الآن قد اتّخذ شكل «دين خاصّ»، فمن المشروع من الآن فصاعدا المطالبة بنفس الحقّ في شكل «دخل اجتماعيّ».
لقد وعدتكم من قبل بأن أعطيكم دافعا ثانيا للسّبب الثّالث، أي السّبب النظري، لتعليل الانطلاق مجدّدا من ماركس – وهو دافع عمليّ مستمَدّ من النّضالات. إنّ النّضالات الأخيرة في معظمها تؤدّي إلى هذا المجال، مجال المشترك، وإلى استملاكه من جديد باسم العمال والمواطنين. أودّ أن أذكّركم بأنّ هذه النّضالات تتعلق بالخيرات المشتركة المتأتّية من الطّبيعة، والنّضال من أجل إعادة تملّك المياه في المجتمعات الحضريّة، ومن أجل جودة الهواء، ومن أجل الدّفاع عن سير حياة الأرض في مواجهة الغزو الكيميائيّ والمدمّر، والنضال من أجل إعادة امتلاك الحياة، والنّضالات البيئيّة بشكل عامّ. ثمّ هناك نضالات تعارض الاستيلاء الرّأسماليّ على الإنتاج الاجتماعيّ المشترك، واستغلال المعرفة والهيمنة الرّأسماليّة على الاتصالات والبنى التّحتيّة اللّوجستيّة للإنتاج الاجتماعيّ. وهناك نضالات ضدّ الاستيلاء على الإنتاج الفكريّ، وضدّ حقوق الطّبع والنّشر، وضدّ مصادرة براءات الاختراع، ومن أجل الاستخدام الشّفّاف والدّيمقراطي للخوارزميات. وأخيرا، هناك نضالات ضدّ الاستخراج الماليّ للقيمة الاجتماعيّة المضافة، دفاعا عن دخل المواطن غير المشروط، ونضالات تعرّف نفسها الآن، في معارضتها الملكيّة الخاصة، بأنّها تكافح من أجل ديمقراطيّة التّملّك الجماعيّ لجميع منتجات التّعاون الاجتماعيّ.
لقد فهم الحكم الرّأسماليّ بالفعل هذا التّحوّل في أشكال النّضالات. ومن الأمثلة على ذلك ZAD of Notre-Dame-des-Landes (احتلال مئات الهكتارات من الأراضي لمنع بناء مطار غير ضروريّ). وبعد انتصار المحتلّين وسحب المشروع، اقترحت الدّولة عقودا لإضفاء الشّرعيّة على المشاريع الجماعيّة الّتي تشكّلت وتوطّدت في «زاد» (زاد هو اختصار لـ Zone à défendre، وهو نحت لغويّ نضاليّ يُستخدم في فرنسا وبلجيكا وسويسرا لتسمية مناطق يحتلّها نشطاء معظمهم من اليسار من أجل الاعتراض على مشاريع بناء يعتبرونها ضارّة بالبيئة – المترجم -) عن طريق احتلال الأراضي والمقاومة النّشطة ضدّ مشاريع المضاربة. ما هو شرط هذه العقود؟ هو أنّ أولئك الّذين يوافقون على التّوقيع عليها يفعلون ذلك بشكل فرديّ، بوصفهم أشخاصا عاديين؛ وهكذا، رفضت الدّولة إضفاء الشّرعيّة على المشاريع الّتي نشأت بشكل جماعيّ وأنشأت مشتركا من خلال تجربة مشتركة.
• التّرجمة الحاليّة، الّتي أردنا من خلالها تكريم المفكّر الشّيوعيّ الإيطاليّ الفذّ أنطونيو نيغري الّذي رحل عن الحياة قبل أيّام وبالتّحديد يوم 17 ديسمبر (1933- 2023)، هي للتّرجمة الانجليزيّة للنّص الأصليّ المكتوب باللّغة الإيطاليّة، والّتي أنجزتها أريانا بوف وتمّ نشرها في مجلّة «Philosophie Radicale الفلسفة الرّاديكاليّة»، عدد ديسمبر عام 2018.
ملاحظات
هذه ترجمة لمقال «Ricominciare da Marx, semper di nuovo»، الّذي تمّ تقديمه في ندوة تحت عنوان «(إعادة) ولادة ماركس (الماركسيّة): مطاردة المستقبل»، جامعة ماينوث، 4 ماي 2018. فيديو العرض التّقديميّ الأصليّ لنيغري متاح عبر موقع المؤتمر.
كارل ماركس، رأس المال، المجلّد الأوّل، ترجمة. بين فوكس (لندن: بينغوين، 1976)، 344.
كارل ماركس، رأس المال، المجلّد الثالث، ترجمة. ديفيد فيرنباك (لندن: بينغوين، 1991)، 486.
كارل ماركس، رأس المال، المجلّد الثّاني، ترجمة. ديفيد فيرنباك (لندن: بينجوين، 1992)، 175.
المرجع نفسه، 185
المرجع نفسه، 194